تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«بيت العز» ....مبادرة الأب ميشيل للحفاظ على التراث السوري

ملحق ثقافي
2012/10/23
إدريس مراد :بيت العز أو « بيت الأب ميشيل» مكان في دمشق القديمة وبالتحديد في القيمرية، مكان جميل يهتم بالثقافة والأدب والعلم، حيث يقام فيه كل أربعاء نشاط يدعو إلى المحبة ويجمع كل من يحب «سورية» الرائعة.

إنه مشروع ثقافي ونشاط دائم بمبادرة فردية من الأب ميشيل، ليجتمع السوريون وكل من يحب سورية على الحفاظ على تراث أقدم وطن في العالم. إنه مبادرة تستحق الاحترام والتقدير. وواجب علينا جميعاً أن نبادر إلى دعمها بكل الوسائل الممكنة.‏

تطرقت الأستاذة «ورود إبراهيم» مدير قسم الآثار الكلاسيكية في «المتحف الوطني» بدمشق بمحاضرتها التي جاءت تحت عنوان «حماية التراث الثقافي» قبل فترة وجيزة في «بيت العز- بيت الأب ميشيل»، بالقيمرية «دمشق القديمة» إلى جوانب عديدة تتعلق بالتراث الثقافي وأهميته.‏

حيث قالت الأستاذة «إبراهيم» في بداية محاضرتها: «سوريا وعبر تاريخها الذي يعود إلى العصور الحجرية وحتى الآن مازالت المركز الحضاري الذي يجمع بين ثناياه حضارات العالم وثقافاته المختلفة المتنوعة، وإلى الآن مازال الفكر السوري يتمتع بانفتاح كبير تجاه كل فكر إنساني ومستقبل لذهنيات الشعوب كافة، وهذا ما نجده واضحاً الآن من خلال ردود أفعال السائحين القادمين إلى «سورية» والذين يفاجؤون بوجود ما يعبر عن حضارتهم وتراثهم وثقافاتهم التي تبنتها «سورية» لتصبح جزءاً من تاريخ عالمي ولكن بطابع سوري».‏

وكتعريف للتراث تابعت حديثها قائلة:«التراث هو إرث مقدس ورثناه، لنورثه لأبنائنا وهم الأجيال المتعاقبة، على أصالته كما هو لا متجدد ولا متحول أصيلاً بصفاته المعمارية والحضارية، كل جيل يرمم ويحافظ عليه الأمانة للجيل التالي.‏

والتراث كما أجمع جميع من عرفه هو تجسيد لمجموعة قيم تدخل كلها في الضمير الوطني للبلد، هو قيمة تاريخية: قد تتجسد في مبنى أو معلم يدل على تاريخ عريق بحضارة أسهمت في بناء الحضارة العالمية، فهو بالتالي إرث عالمي إضافة لهويته الوطنية».‏

وشرحت «إبراهيم» في محاضرتها هذه مختلف القيم في التراث حيث قالت: «في القيمة الدينية: قد يكون الشاهد معبداً أو كنيسة أو جامعاً مر بها نبي أو قديس أو متصوف أو ظهرت بها معجزة أو كرامة، فدخلت في ضمير مؤمني الدنيا واكتسبت شيئاً من القداسة والحرمة.‏

أما في القيمة التثقيفية: فهذا التراث هو شاهد لفهم حضارة شعب ما وتاريخه وعاداته وقيمه وهويته، فمن لا ماض ولا تاريخ له لا مستقبل له.‏

القيمة الحضارية: فالتراث هو الأساس الذي تقوم عليه حضارة شعب ما وقد يكون هذا الشعب قد أسهم بشكل فاعل ببناء الحضارة العالمية وإثرائها».‏

وتحدثت عن ضرورة الحفاظ عن التراث من كل سوء حيث قالت: «وتراث سوريا الغني بإرث طبيعي وثقافي إنساني وتاريخي وآثاري فهو عبئ عليها وتاج على رأسها، إنه تاج لأننا نتباهى به ونعتز، فهذا أمر بديهي، وأما عبء، فلأن مسؤولية الحفاظ على التراث مهمة جليلة تحتاج إلى وعي وعلم ومال، وهو عبء أيضاً لأن شعباً هذا تراثه حري به أن يجعل حاضره ومستقبله موازيين في علو الشأن بذاك الماضي العظيم، فكلما نظر السوري إلى آثاره الغابرة ألح عليه السؤال كيف نعيد إلى هذا الوطن دوره الحضاري الرائد الذي يليق بإنجازات الماضي؟ المال وحده لا يكفي والوعي وحده لا يكفي، بل إن هناك شرطين أساسيين متقاربين في اللفظ، متلازمين في المعنى لضمان النجاح، وهما الإرادة والإدارة، فإن صحت الإرادة حسنت الأدارة فالوعي والمال يتوافران».‏

وفي ختام محاضرتها أكدت الأستاذة ورود إبراهيم على عظمة الحضارة السورية قائلة: «ومن هنا كانت سورية وعبر تاريخها الطويل هي الوطن الثاني لكل زائر ولكل قاصدها، ففيه لا بد له من إيجاد رائحة كان قد ألفها في وطنه إن كانت من موروث ثقافي أو بعد حضاري أو رمز ديني أونمط معماري، يعبر بشكل أو بآخر عن نسيج متشابك ومترابط يربط بشكل متين ما بين سورية وكل العالم المحيط بغنى تنوعه وسماته الحضارية.‏

لذلك نناشد كل من أحب بسورية الأم، ومن كل من رأى فيها صورة لإبداع الخالق الذي جمع العالم كاملاً في هذه البقعة من الأرض، كما نناشد كل من شاهد في وجه سورية انعكاساً لصورة حضارته وسمع في صوتها صداً لأصوات عظماء قاموا بتلوينها بألوان قوس قزح لينسجم مع ألوان العالم أجمع؛ أن يشهد بما رأى وسمع، وأن يدافع عن بلد لطالما كان المنارة المشعة للعالم، ليبقى تلك المنارة التي تستهدي بنورها كل المراكب المحملة بالسلام والساعية لنشر ثقافة الحب المتبادل بين شعوب العالم قاطبة... هذا هو تنوع التراث الحضاري السوري».‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية