|
هآرتس انتقذه عدد من قادة حزبه, وعبروا عن خيبة أملهم من الطريقة التي أراد فيها المفاوضات مع قائد حزب كاديما, وقد اعتبر متان فلناي أن الحزب لم يكن موفقاً في انتخاب بيرتس, بينما صرح إفرايم سنيه ان بيرس ليس ملائماً لشغل منصب وزير الدفاع من دون نائب ذي تجربة طويلة يقدم النصح له, ورأى داني ياتوم أن أولمرت ضحك على بيرتس ودفعه لتقديم تنازلات معيبة. وكما حدث مع عمرام متسناع وإيهود باراك ( ومن قبلهما اسحاق رابين وشمعون بيرس خلال سنوات طويلة ولكن بصورة متقطعة) تيبن لبيرتس أن النجاح في الانتخابات الداخلية هو مثل قطعة سكاكر سريعة الذوبان في الفم, لكن في صباح اليوم التالي من الفوز بالانتخابات تشهر السكاكين لتبدأ من جديد معركة البقاء داخل حزب العمل. وتعيش تسيبي ليفني اليوم في قلب هذه التجربة المحبطة, وقبل أن يمر يوم واحد على انتصارها بأغلبية ضئيلة بدأت مكانتها داخل كاديما تتزعزع, وشاؤول موفاز الذي قال إنه يحترم رغبة الناخب, خرج من الحياة السياسية تاركاً خلفه موجات ارتدادية لزعزعة شرعية قيادة ليفني للحزب. إن إسرائيل ليست مثل الولايات المتحدة, والسياسيون الإسرائيليون ليسوا مثل آل غور الذي دعا الحزب الديمقراطي للاعتراف بانتصار جورج بوش في تشرين الثاني 2000 رغم أنه خسر أمامه بطريقة مشكوك فيها, حسمت أمرها المحكمة أكثر مما فعلت صناديق الاقتراع. بات من المفهوم أن السياسيين الإسرائيليين يتشابهون في تفكيرهم وأمزجتهم, وعندما يعلنون أنهم سيغادرون الحياة السياسية, فإنهم يخططون ضمناً لعودتهم إليها, وعندما يعترفون بانتصار منافسيهم, يبدؤون العمل على إسقاطهم, وعندما يكونون فوق الجواد, فإنهم خبيثون ماكرون في الموقف من خصومهم وتصيبهم حالة مزاجية هي أشبه بحالة الضحية وليس المنتصر. الانتخابات في إسرائيل سواء أكانت داخلية أم تشريعية تظهر صراعاً شخصياً وليس صراعاً أو منافسة حول النهج والبرامج, وبالتأكيد ليس الحرص على الدولة أو حتى الولاء للحزب هما اللذان يحركان السباق السياسي وإنما الطموح الشخصي. وعندما اتضح لموفاز أنه خسر أمام ليفني, تبخر ارتباطه بحزب كاديما( رغم أنه صرح بأنه سيبقى عضواً في الحزب) وفجأة تلاشى التزامه المعلن بالمصالح العامة, وبالطبع ليس هذا سلوكه فقط, وليفني نفسها رفضت الالتزام بالبقاء في الحزب الذي رغبت في الوصول إلى قيادته, إذا فشلت في صناديق الاقتراع. وباراك أيضاً يتصرف بطريقة مشابهة, وهو يقوم اليوم بوضع العراقيل أمام رغبة ليفني تسلم كرسي أولمرت بسرعة من خلال الائتلاف الحالي, لأنه يتحرك تحت هاجس أنه يريد أن يعود مجدداً ليكون رئيساً للوزراء في يوم ما. وحسب تقديرات قادة حزب العمل, سيؤدي فشل جهود ليفني إلى إيجاد ظروف تقود إلى انتخابات برلمانية مبكرة, وإلى خلق فرصة أمام باراك لشق كاديما, وربما اجتذاب جزء هام من ناخبيه إلى حزب العمل ومن أعضاء الكنيست التابعين له أيضاً. إن الشخص الذي أجبر أولمرت على الاستقالة باسم مصلحة الدولة, يرفض الآن مد يده لليفني لاستكمال خطوتها والجلوس على كرسي رئيس الوزراء. والأمر نفسه يحدث مع رئيس حركة شاس ايلي يشاي الذي ينتهز الفرصة لابتزاز امتيازات شخصية وفئوية ضيقة. في الديمقراطية الحالية التحرك الطبيعي الواضح سيكون إبقاء الائتلاف الحالي واستبدال رئيسه المستقيل بالمنتخب حديثاً, وليس هناك سبب موضوعي لإحداث تغييرات في هذه التركيبة, ذلك أن الأحزاب التي وافقت على الخطوط الأساسية قبل عامين ونصف قادرة في الواقع على الإبقاء على هذه الخطوط ومواصلة وإدارة الشؤون العامة كما أن التبدلات في الأشخاص المطلوبة هنا و هناك مثل استبدال وزير العدل أو تعيين وزير خارجية أو مواصلات, لاتتطلب حدوث تصعيد وتصادم سياسي لايمكن تجاوزه. إلا أن بعض قادة كاديما مثلهم مثل باراك ويشاي, وربما قادة الأحزاب الأخرى, يسعون للحصول على المنفعة الشخصية من الوضع الناشىء, وهم يلمحون من الآن إلى عزمهم على تعكير حياة ليفني وعرقلة عزمها على ترسيخ الاستقرار الائتلافي تحت رئاستها. أن العملية السياسية الإسرائيلية تشبه بصورة متزايدة بنوك الاستثمارات الأميركية, فهي لاتبدي المسؤولية لمصلحة الدولة, بل تتحرك بدافع المنافسة الشخصية والطموحات التي لاتعرف حدوداً, وهي مثلهم تتحدث غالياً عالياً عن المصلحة العامة بينما تعمل فعلياً لإلحاق الأذى بهذه المصلحة بصورة مدمرة. |
|