تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إلى حين مَيْسَرة

مجتمع
الأحد 28/9/2008
ملك خدام

لم يكن أبو عيد يتوقع أن يصل بهم الحال إلى ما وصلوا إليه من فاقة و جوع, فهو والد الثماني بالكاد يلقط رزقهم. وقد أثلج صدره أن كبيرهم الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة ,

قد نهض ليحمل جناحاً عنه ,وراح يعمل على رافعة ليقدم له في نهاية الجمعة - أسبوعيته- يقتاتون منها إلى حين ميسرة, ولكن القدر كان يقف لأبي عيد بالمرصاد, عندما اختلف ابنه مع صاحب الرافعة على أمر يجهله, واعتكف في البيت رافضا الاستمرار في العمل عند معلمه.. وقد فاجأ الأسرة التعيسة زيارة رب عمله لهم في البيت مساء ,حيث راح يقنع عيداً بالعودة إلى العمل وعندما رفض , أخذ يغلظ القول له بالتهديد والوعيد.. إلى أن أخذ أخيراً وعدا قاطعا من والد عيد, بأنه سيلتحق بعمله مجددا في الصباح. وما إن خرجوا خلف معلم عيد مودعين حتى صعقوا عند عودتهم إلى الغرفة برؤية عيد يرمي نفسه منتحراً من النافذة.. وعند إسعاف عيد للمشفى تبين أن أذيته في النخاع الشوكي , ما ادى إلى شلل بأطرافه, وتعذر النطق في لسانه, فهو للأسف الحي الميت لايتحرك.. لايتكلم.. لايأكل..ولايشرب إلا بجهاز مساعد موصول الى الرغامى..لم يتنصل والد عيد على فقره من مسؤولية علاج ابنه, واستعان على تكاليف العلاج بأخيه الذي سبق أن استحوذ على حصته من إرث أمه.. وطلب منه أن يعينه بمبلغ من المال إلى حين ميسرة ليكمل علاج ابنه , ولكن الأخ رفض مساعدة أخيه بحجة أنه (ما معه) وعندما ذكر أبو عيد بحصته من إرث أمه قال له متهكماً : (الحق أمك على القبر لعلها تعطيك) وزادت عليه زوجته سخرية : ( أو ارم نفسك من الشباك كابنك لعلنا نخلص منك).‏

خرج أبو عيد من منزل شقيقه ملوماً مدحوراً وانصرف بوجهه إلى الله لاحول ولاقوة.. وعند الصباح الباكر فاجأه رنين الهاتف, وصوت زوجة أخيه تنعى إليه نبأ وفاة شقيقه ?!!..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية