دوامة الفن الحديث
ثقافة الأحد 28/9/2008 تماضر ابراهيم الفن المعاصر أصبح في أوج مراحله غموضاً واختلاطاً, وهذا الغموض والاختلاط هو سر جمال اللوحة, وليس ضعفها إلا إذا كان مقصد الفنان هو مساحات استهلاكية تبدو فيها التغيرات لصالح طوفان أسماء بعيدة عن الأهمية الفنية,
أو فاقدة للمقاييس الإبداعية يساهم في استمرارها أننا نفتقد إلى قراءة بعضنا قراءة معرفية ومنهجية بعيدة عن المدائح والتزلفات, فندخل في دوامة الفن الحديث الذي لايعتمد مقاييس منطقية كما هو حالنا اليوم ..الرسام السوري فاتح أيوب, يحمل الجنسية الاسبانية, قدم لنا من خلال معرضه في ثربانتس عدداً كبيراً من اللوحات والصور التي استلهمها من شعر فيدريكو غاريتا لوركا, ولد فاتح في دمشق عام 1952 وتخرج من كلية الفنون الجميلة, تخصص في فن الميداليات والرسم على الجدران من جامعة كومبلوتنسي في مدريد با الإضافة إلى انه مصور مهني وخبير في التاريخ القديم للشرق الأوسط سحر اسبانيا- عنوان معرضه الذي قدم فيه تنوعاً كبيراً بين مدارس الفن من تعبيرية وتجريد وتحوير وكذلك فن التصوير الفوتوغرافي مستخدماً تقنيات كثيرة وألوان مختلفة تارة بين الحار والبارد من ألوان مستنداً إلى اشكال تعبيرية خاصة وطوراً نراه مجرداً بحتاً مستخدماً كل تقانات التجريد وأحياناً مصوراً فوتوغرافياً فيه مافيه من تنوع فتضيع الرؤية بين ثنايا ما يطرحه الفنان من تشعب يجعلنا نبتعد عن اللوحة وتفاصيلها قسراً لنجد أنفسنا في متاهة غير مفهومة علّها تخدم أفكاره التي اذا اعتبرت حصيلة تجربة فالتجربة هي بحث لكنه للأسف وقع في أخطر المشكلات التي يجب على كل باحث تجنبها وهي أحد القوانين المتعارف عليه الذي يقول ( كل شيء من لاشيء , ولاشيء من كل شيء) إذ أن الرسام استخدم عدة طرق وعدة اتجاهات, لم يؤكد من خلالها على أي فكرة ولم يعط أي فكرة حقها, لأن كل عمل قدمه يستوجب بحثاً في حد ذاته, أما إذا كان معرضه حصيلة تجربة ,فهو لم يخرج منها بالنتيجة المقنعة , ولم تكن اللوحة بحد ذاتها ترقى إلى مفهوم اللوحة بل أتت أعماله لتهتم بالتنوع وكانت متفاوتة ومختلفة الاتجاهات ومختلفة المفاهيم والافكار والتقنيات فإذا ما رأينا عملاً محوّراً في إحدى اللوحات, تأتي لوحة أخرى لتؤكد أنه تعبيري ثم تأتي الأخرى لتقول أنه عمل تجريدي, وهكذا تتنوع الأساليب والطرق لدرجة فقدان الشخصية في اللوحة, وتدل بعد ذلك إلى عدم اتقان للعمل الفني المطروح, ولكن اذا كان الرسام يقول لنا وبحس المسؤولية أنه يطرح عدم النمطية فهذا يسمى عذراً أقبح من ذنب لأن العمل الفني هو تجربة, والتجربة هي بحث والبحث لايتعارض مع النمطية أو عكسها,وبذلك يكون قد اخترق أهم تحذيرات ومناهج البحث التي ذكرناها سابقاً دون هدف يرتجى.
|