تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النصوص التراثية في مواجهة الواقع

ثقافة
الأحد 28/9/2008
علاء الدين محمد

إن الأمة كثيرا ما تلجأ إلى تاريخها وسير عظمائها لشحذ الهمة واستمداد العبرة والقوة ولاسيما إذا ما ألمت بها الأزمات وتداعى عليها الأعداء كما تداعى الاكلة إلى قصعتها

وما من غريب في ذلك فالتاريخ كما هو معروف - منبع عزة الأمة ومصدر كرامتها وسجل مآثرها الخالدة .‏

في ثقافي جوبر ألقى الدكتور أحمد عبد المنعم حالو الاستاذ في جامعة البعث محاضرة بعنوان (تفعيل النصوص التراثية في مواجهة الواقع ) بدأ محاضرته بما كان قد وقف عليه العلامة أبو الحسن الندوي في كتابه مختارات من أدب العرب إذ أشار إلى جملة مفيدة من نصوص التاريخ والحديث والسيرة الشريفة , وأشار أيضا إلى نصوص تاريخية أخرى داعما ذلك بتحديدها في كتب التاريخ ليعود إليها الأخ المستمع , ويرى بأم عينه الفوائد العظمية التي تنبثق عنها ,والتي يمكن الإفادة منها في عودة الحياة والنضارة للفرد إزاء ما يعتريه من الواقع ,كيف لا وهي تتحدث عن نضرة إلهية للمسلمين حيث صحت نياتهم وعزائمهم على حرب أعدائهم مثل (أهل البحرين وردة الحطم ومن تجمع معه بالبحرين) مرجعه تاريخ الطبري 3/301 -311 وانظر رواية مماثلة في الأغاني 15/257- 262 والنص الثاني عنوانه حصن أنطالة مرجعه الروض المعطار في خبر الأمصار ص 40-41 للحميري .‏

ونوه المحاضر على أهمية هذه النصوص والفوائد التي يمكن للعربي أن يتفيأ ظلالها ويأكل من ثمارها .‏

وتوقف المحاضر عند واقع العربية في الماضي والحاضر , ويمكن القول إنه مرت عصور كانت العربية فيها لغة الحكم والعلم والعرفان ,وهي لغة السياسة والحضارة والأدب ,وكان أبناؤها يعتزون بها ويقبلون عليها ,ويغنونها حتى تتسع لحاجات الحياة الجديدة ولألوان العلوم المختلفة وحملت العربية أفكارهم ,ورعت عواطفهم وجسدت أصالتهم القومية وكانت وسيلتهم إلى التفكير والتعبير ,ثم غدت تعاني الآن ما تعاني من كيد أعدائها وغفلة الكثير من أبنائها حيث رموها بالجمود,ونعتوها بالضيق والعجز عن استيعاب ما تطلع به العلوم والفنون الحديثة ,وادعوا أن فيها صعوبة لا تستجيب معها لمريديها وأن إعرابها شرك يتعثر به العالم والمتعلم والحق أن العلة فينا لافي لغتنا .لقد أحب أجدادنا لغتهم ,وآمنوا بفضلها وقدرتها فأعطوها من اهتمامهم ما جعلها أكثر غنى وأوفر قدرة , أما نحن فقد آثرنا السلامة ,وخفنا من بذل الجهد ,واكتفينا بأن ألقينا عجزنا على اللغة, وحملناها تبعة نحن اصحابها ,وهي كما قال الشاعر حافظ إبراهيم :‏

رموني بعقم في الشباب وليتني عقمت فلم أجزع لقول عدائي‏

وسعت كتاب الله لفظا وغاية‏

وما ضقت عن أي به وعظات‏

فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة‏

وتنسيق أسماء لمخترعات‏

والحق الذي لا مراء فيه أن اللغة العربية التي حملت قديما صبابة العشاق ووصف الرياض ومجالس السمر والغناء هي نفسها التي نقلت فكر اليونان ,وحكمة الهند والصين ,ونظم الفرس الاجتماعية والإدارية ,وهي التي حفلت بها كتب الفلسفة والطب ,والهندسة والكيمياء وغيرها مما كان منارة الدنيا وقبلة المتعلمين في كل مكان ,ولو حاولنا أن نمضي أكثر فأكثر ,وأن نجلو واقع العربية من هنا وهناك من المدرسة والجامعة والبيت والمؤسسة ولدى المعلمين المتعلمين ,وفي وسائل الإعلام.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية