تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من الشرعي؟

الأحد 23-6-2013
سلوى خليل الأمين

أين الديموقراطية في برنامج الرئيس الأميركي باراك أوباما، هل تتمثل الديموقراطية في أصوات الناخبين الذين اختاروه لولاية أولى ثم ثانية؟ وإذا كانت الانتخابات هي المقياس لتطبيق الديموقراطية

فكلا الرئيسين الأميركي باراك أوباما والسوري بشار الأسد قد تولا مهماتهما الرئاسية عبرانتخابات شعبية، قال فيها الشعب كلمته الفصل، مقرراً خياراته. وهنا يرتسم السؤال النابع من عناوين الديموقراطية التي يستحلون مضامينها ويشطرونها نصفين ساعة يريدون، حيث من هو المولج بإزاحة أوباما من مكانه الرسمي أو الرئيس الأسد أيضاً؟ بطبيعة الحال هنا العودة إلى المنهجية الديموقراطية، التي جرت على أساسها الانتخابات الرئاسية في كل من الولايات المتحدة الأميركية وسورية وغيرهما من بلاد العالم التي تتبع النظام الرئاسي، هي الاثبات الصحيح والسليم لصحة اختيار الشعب وممارسة حقه في تقرير المصير وسيادته على أرضه، وبالتالي لا يجوز لأي سلطة في العالم، مهما علا شأنها أو شأوها، أن تحرك أي رئيس من موقعه بقرارات عليا آتية من خلف الحدود إلا إذا قرر الشعب بأغلبية ساحقة هذا الأمر، فلا روسيا قادرة على زحزحة الرئيس الأميركي باراك أوباما عن موقعه الرسمي ولا الولايات المتحدة الأميركية بقادرة على إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد من موقعه إلا عبر استفتاء شعبي، يقول من خلالها الشعب كلمته الفصل.‏

هذا ما تؤمن به روسيا وكل الدول التي تحترم إرادة الشعوب لهذا كان لقاء بوتين أوباما على أهميته فاترا، في قمة الثمانية التي عقدت مؤخرا، بسبب التردد الحاصل في التوجه الأميركي حيال الحل السياسي في سورية عبر انعقاد مؤتمر جنيف 2، الذي تم التوافق عليه بين البلدين على إثر اجتماعات وزيري الخارجية كيري ولافروف. هذا التردد هو الذي حدا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى التساؤل: حول إمكانية زحزحة الرئيس الأسد عن موقعه، علما أن صاحب القرار هو الشعب السوري، وأن الفراغ لو حصل سيكون كارثة على سورية، وعلى الوضع برمته في المنطقة. يتبين من كل هذا الدوران المقلق والمتردد والخبيث وعملية شد الحبال الذي تمارسه السلطة الأميركية، يزيد من تفاقم الحالة الإرهابية في المنطقة، وقد بدأت مشهدياته بالظهور عبر التوتير الحالي الحاصل على الساحة اللبنانية من قبل الجماعات التكفيرية المسلحة المدعومة من التيارات السياسية المناهضة لسورية وللمقاومة وللحل السياسي في سورية، وذلك عبر ما يحصل في الدوحة من مؤتمرات غايتها إطالة هذه الحرب الهمجية التفتيتية للمنطقة.‏

لهذا كله يتم العمل على تأخير انعقاد مؤتمر جنيف 2، والسبب يكمن في الفشل الذي تمارسه أميركا وحلفاؤها على الأرض السورية، خصوصا بعد انتصار الجيش السوري في معركة القصير، وتقدمه بثبات وعقيدة قتالية متمكنة من تحرير باقي المناطق السورية التي تعيث فيها فسادا وتدميرا وقتلا العصابات الإرهابية الآتية من 85 بلد عالمي وعربي حسب احصائيات مراكز الأبحاث العالمية، التي أثبتت أن القيادة السورية لا تقتل شعبها، وإنما تتصدى لمن يقتل شعبها عبر حرب ممنهجة في دوائر القرار الأميركي الصهيوني، حيث تم القيام منذ البدء، أي منذ عامين ونصف من عمر الحرب الكونية على سورية من أنهم هم المسؤولون عن عمليات التنفيذ المدعمة بالمال والسلاح والإرهابيين، عبر إعطاء الأوامر لبعض الدول العربية وعلى رأسها قطر بالقيام بالمهمة الصعبة، التي تصر قطر على مواصلة تنفيذها، إمداد العصابات الإرهابية بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، بهدف إطالة الأزمة،‏

ولو أدى هذا إلى إفناء الشعب السوري عن بكرة أبيه، حيث لا يوجد في أجنداتهم سوى مطلب واحد وحيد تنحي الرئيس الأسد الذي لن يحصل لا اليوم ولا غدا ولا بعد غد، بسبب إيمان الشعب السوري المناضل بقدرة حاكمه وقيادته على الإمساك بحيثيات المؤامرة والتصدي لها بحكمة مدروسة وصبر وصلابة موقف خففت كثيرا من الأضرار على الأرض، وجعلت الشعب السوري أكثر تمسكا بقيادته الرشيدة.‏

لهذا يتماهى التحريض الحالي على جر الفتنة المذهبية إلى الساحة السورية، واللبنانية، ومنها إلى العالم العربي، وهذا الهجوم السافر على المقاومة وحزب الله، الذي دفع الدم فداء لفلسطين العربية، ولسورية قلب العروبة النابض، وحمى لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، يكافأُ بحرب ردة تكفيرية شرسة تطال الأبرياء العاملين في منطقة الخليج اعتمادا على مذهب ديني معين ينتمون إليه، لمجرد الادعاء أنهم يؤيدون المقاومة في لبنان.‏

أليس من المعيب أن يحاكم الإنسان العربي بناء لانتمائه الديني، ومن كلف هؤلاء القوم صرف ثروات العرب على خراب الأمة، التي أوكلت إليهم في بعض مطارحها مسؤولية الحكم الذي لا يستحقونه، بدليل أنهم اغتصبوا البلاد ومن عليها دون رضا الشعوب، التي ما زالت تعيش تحت خط الفقر، بدليل ما نشهده في العديد من هذه الدول من التحركات الشعبية التي تقمع علنا، دون أن تهتز المشاعر الإنسانية لجمعيات حقوق الإنسان العالمية، أو لمن يتولى رئاسة الجامعة العربية، أو الأمانة العامة لمنظمة الأمم المتحدة، وهنا يظهر الكيل بمكيالين، وتظهر علامات الديكتاتورية المنظمة، التي يمارسها المجتمع الدولي في أشكاله ومضامينه المرسومة سلفا، التي تعلن سقوط الحرية والديموقراطية من الحياة السياسية العالمية، ووقوعها في أتون الإرهاب المنظم، المدعوم من دعاة الديموقراطية المزيفة أنفسهم، بكل العناوين السوداء التي تحتضر حاليا على الأرض السورية ولن تجد لها ملجأ سوى البلاد التي صدرتها وسلحتها ونظمتها، بحيث أنها ستندثر عاجلا أم آجلا، بهمة الجيش السوري الثابت على عقيدته القتالية النضالية إلى جانب القيادة والشعب.‏

وعلينا هنا أيضا، ألا نهمل ما أدلى به الصحافي المخضرم محمد حسنين هيكل، لجهة اعتراضه الحكيم على قرار الرئيس المصري محمد مرسي اللاعقلاني واللامنطقي، والذي اسقط مصلحة مصر العليا في أتون المذهبية البغيضة، القاضي بقطع العلاقات مع سورية، دون أي احتساب لمسألة الأمن القومي لمصر الحائرة بين انتمائها لقارتين تجمعها بهما حدود جغرافية عربية وإيرانية أسيوية من جهة وإفريقية مختلطة بين عرب وأفارقة من جهة أخرى،وتذكيره للرئيس المصري الإخواني أن الهجوم العلني على إيران ونظامها الذي نعته بالرافضي، وهذا معيب جدا، يعتبر من السقطات المهينة لمصر وشعبها العروبي المناضل على مدى حقب التاريخ، وكذلك فإن الهجوم المنظم والمفبرك على حزب الله ومقاومته الشريفة ضد العدو الصهيوني بقوله: « ألم يلفت نظرهم وجود 40 ألف أجنبي يحاربون على الأرض السورية ولفت نظرهم مشهد فريق من حزب الله؟ عيب فعلا.. أرجوكم ضعوا الأمور في سياقها «. لهذا كله ما علينا سوى الرجوع إلى مضامين الديموقراطية العالمية التي تقر أن الشعب هو مصدر السلطات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية