|
آراء يومذاك.. لم تكن في سورية طوائف, ومذاهب, ولم يكن في العالم العربي ثقافة طائفية,ومذهبية, وعرقية, كانت ثقافة الانتماء إلى أمة واحدة, وتاريخ واحد، وجغرافيا واحدة, ومشروع حضاري واحد, تتوهج كقمر صفت سماؤه.. كان العرب من المحيط إلى الخليج ينتمون لطائفة الوحدة العربية, وكانت ترتفع الهتافات حارة, للوحدة..ولعبد الناصر, وللآمال القادمة.. وثمة عشرات الأناشيد أذكر منها: «وحدة, وما يغلبها غلاّب». «والأرض، الأرض بتتكلم عربي» يومذاك, كانت الكبرياء القومية شمساً تتألق. في يوم أسود, سفك دم الوحدة, كانت السعودية سكين الذبح, وهي التي جربت ذبحها قبل قيامها, ومازالت السمّ الزعاف الذي يتسلل إلى كل شريان ينبض بالكرامة القومية.. السعودية... اليوم تستكمل حربها على الخط العروبي المقاوم في سورية, وتشاركها في هذه الحرب مشيخة قطر التي تجاهر وتفاخر قيادتها بلقاءاتها, وزياراتها, وعهرها السياسي مع العدو الصهيوني ومع الأميركيين الذين تحتل قواعدهم العسكرية نصف مساحة قطر, وقواعدهم السياسية قطر كلها كيف نقرأ الواقع السوري اليوم؟ بل كيف نقرأ الواقع العربي, والإسلامي, والدولي؟ كيف نقرأ أحلامنا الوحدوية, ووجودنا في الوطن, ووجود الوطن فينا؟ كيف نقرأ تلك الأصوات الطائفية والمذهبية في شوارع العرب, وتحولات الصراع, من صراع عربي إسرائيلي, إلى صراع عربي إسلامي, وبالدقة أكثر إلى صراع سني شيعي, وإسلامي مسيحي؟! على سبيل المثال: في مدينتنا الصغير ة التي هتفت للوحدة من المحيط إلى الخليج, ولعبد الناصر, وحافظ الأسد, ولجميلة بوحيرد, وبن بلة, وبو مدين, تنمو اليوم لدى قلة أفكار, وسلوكيات غريبة عجيبة, تصب جميعها في مصلحة الصهيونية. ياناس.. ألف وأربعمئة سنة من المحبة, والتفاعل بين السوري والسوري, والعربي والعربي, ألف وأربعمئة سنة من المشاعر المتفتحة بعبق الحب والتفاعل الحضاري والإنساني بين السوري والسوري والعربي والعربي, يحاول القتلة الذين لايعرفون «شهادة أن لاإله إلا الله», ولا القبلة, ولا الوضوء, ولا الصلاة, ومن خلفهم سادتهم أمراء العهر السياسي والأخلاقي والاجتماعي في السعودية وقطر, وسلاطين تركيا الجدد تدميرها بالعبوات المتفجرة المحشوة بسموم الطائفية, والعرقية, والمذهبية. لماذا يحدث ما يحدث, هل في مصلحة مدينتنا, أوفي مصلحة سورية, وفي مصلحة العرب والإسلام, وفي مصلحة من يرفعون ببلاهة الشعارات المذهبية والطائفية ودعوات إلغاء الآخر بالدم مايجري من دم وتقطيع للفكر والجغرافيا والمشاعر والمواقف؟!.. في مصلحة من أن تتحول المدينة إلى مدن, والشارع إلى شوارع, والحارة إلى حارات, والشعب إلى شعوب؟؟؟؟ ..أسئلة مؤلمة, والإجابة عليها أشد إيلاماً.. حقيقة... نحن في زمن حمد الإسرائيلي, وفي زمن وهابية القتل والاغتصاب.. في هذا الزمن تغيرت, الأحلام, والهتافات, والشعارات,والمشاعر, والأهداف, منذ جلس السادات أفعى السعودية في جيب عبد الناصر بحسب وصف محمد حسنين هيكل في كتابه خريف الغضب على كرسي عبد الناصر, تغيرت المعادلات.. وتغيرت الأحلام, وتغيرت الأفكار، والقادة, والفلسفة, وطرق العبادة للوصول إلى الجنة.. نحن اليوم في زمن يقول عنه هنري كيسنجر: «إنه زمن إسرائيل, زمن سوف تقتل إسرائيل أكبر عدد ممكن من العرب, وتحتل نصف الشرق الأوسط». للأسف... نحن في زمن يتعطش فيه العربي لدم العربي, والمسلم لدم المسلم, في زمن, العالم العربي فيه ساحة حرب داخلية.. وعلى ضفتي الساحة قتلى عرب ومسلمون, وقتلة, وسلاح, ودم, ورجال الفتاوى يقودون حرب الدم, ليرسموا طريق فريق من القتلة, والمقتولين إلى جنة الحوريات.. في هذا الزمن الرديءـ زمن حمد الصهيوني تتبدل الثوابت, والقادة, والأفكار, في هذا الزمن يوزعون التهم «سورية خارجة على العروبة» وأعداء العروبة في السعودية وقطر, وتحت مظلة أميركا وإسرائيل, قادة للعروبة, ومع هذا.. أنا واثق من أن الأمة ستتجاوز شتاءها الدامي العاصف, وستتفتح وورود العروبة مرة أخرى, وأخرى, وأخرى, وسيعود من فقد صوابه, واتجاهه إلى الطريق الصحيح..للمساهمة في فتح تلك الحفرة التي ستبتلع كل هذا «الردم» من الأمراء، والمشايخ, والملوك, وشيوخ التكفير, والكتّاب الذين تحولوا إلى جزارين لفكر العرو. |
|