|
قاعدة الحدث وتمتنع بعض البلدان عن دفع ما عليها من اشتراكات مقررة في الوقت المحدد لعجز مالي، كما تمسك بلدان أخرى عن الدفع كوسيلة للضغط على الأمم المتحدة أو تعبير عن موقف سياسي. لقد أدت أزمة الديون العالمية والأزمات المالية المتتابعة إلى تفاقم عجز موازنة الأمم المتحدة لتصل هذا العام إلى أكثر من 4 مليارات دولار ووصلت متأخرات الولايات المتحدة حوالي ملياري دولار، حيث تحدد التزامات الدولة على أساس الناتج القومي الإجمالي لكل بلد وتتحمل أميركا 22% من ميزانية الأمم المتحدة وهي بذلك أكبر مساهم مالي في ميزانية المنظمة، وتبلغ المساهمة الحالية لها 27 % من ميزانية حفظ السلام، علماً أن الولايات المتحدة بلغت الديون المستحقة عليها الرقم الأعلى، وهي نتيجة تقاعس هذه الأخيرة عن أداء مبالغ انخراطها في المنظمة الأممية طيلة سنوات خلت، وإن سجل حساب المنظمة أصبح يشير باللون الأحمر إلى عجز المنظمة عن الوفاء بالتزاماتها الشهرية، ما جعل منظمة الأمم المتحدة مشلولة لا تملك النفقات اللازمة لتصريف شؤونها، وأن الولايات المتحدة تتصدر قائمة الدول التي لا تفي بالتزاماتها المادية نحو الأمم المتحدة، بل إن مديونيتها للمنظمة حطمت الرقم القياسي الذي جعلها تبلغ 64 % من مجموع ديون المنظمة . وهذا العجز يشمل عمليات الموازنة الاعتيادية إضافة إلى عمليات حفظ السلام في العالم والمحاكم الدولية، ويبلغ عجز الموازنة في عمليات حفظ السلام في العالم 3.2 مليارات دولار، وتصل متأخرات الولايات المتحدة 431 مليوناً فيما يتعلق بعمليات حفظ السلام، كما تصل متأخرات الولايات المتحدة للموازنة العادية إلى 691 مليوناً وتصل متأخراتها للمحاكم الدولية إلى 34 مليوناً. إن تأخر الولايات المتحدة في سداد اشتراكاتها هو أمر دائم، ففي 2010 باتت الأمم المتحدة تعاني عجزاً مالياً هائلاً في ميزانيتها بسبب تأخر أميركا عن تسديد التزاماتها المالية، وطبقاً لبيانات الأمم المتحدة هناك عجز مالي في ميزانية المنظمة يقدر بنحو 830 مليون دولار، ونصيب أميركا وحدها من هذا المبلغ يقدر ب772 مليون دولار أي 93% من المستحقات المتأخرة للمنظمة، وهي مازالت مدينة للأمم المتحدة بمساهمتها المالية الخاصة بالعام 2009، وأن الأمم المتحدة تعاني من عجز في تمويل مهام السلام التي تشرف عليها، وحجم هذا العجز يبلغ 1,2 مليار دولار، وهناك عجز قدره 1.67 مليار دولار في مجال المساعدة الإنمائية الرسمية. وكانت الأمم المتحدة في عام 2002 أعلنت أن ديون الولايات المتحدة المستحقة للمنظمة الدولية وصلت 2.33 مليار دولار، وأن هذا المبلغ الإجمالي يتضمن نحو 1.8 مليار دولار لتغطية مهام حفظ سلام عام 2001 وأعوام سابقة، والديون الأميركية تتزايد وبلغت 1.7 مليار دولار بنهاية عام 2001، غير أنه حينما تضاف عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام فإن مجموع المساهمات المقررة غير المدفوعة يقفز إلى 2.1 مليار دولار، وتمثل المساهمات المستحقة الدفع على الولايات المتحدة نحو 38 % من هذا الرقم أي 690.9 مليون دولار. هذا التأخير أحد أسبابه الرئيسية ارتفاع الديون الأميركية العامة خلال السنوات العشر الماضية من 5.647 تريليونات دولار بنسبة 58% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2000 إلى أكثر من 13 تريليون دولار في 2010، حسب المعطيات التي نشرتها وزارة الخزانة الأميركية أي حوالي 93% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، ومن المتوقع أن يصل في عام 2015 إلى 19.7 تريليون دولار أي 102.6% . تُقدِم الولايات المتحدة على هذا التصرف المَشين حيال المجتمع الدولي بتأخيرها لسداد التزاماتها، علماً أنها المستفيدة الأولى من خدمات الأمم المتحدة، وأنها بفضل هذه المنظمة تمكنت من أن تأخذ بناصية قيادة العالم، فقد فرضت على المجتمع الدولي إرادتها وقامت باستخدام حق «الفيتو» لتشل تحركات الأمم المتحدة متى شاءت لتوقف أي قرار يضر بمصالح طفلها المدلل الكيان الإسرائيلي، أو يؤثر على مصالحها الخارجية. إن الأمم المتحدة توجد في وضع مالي خانق، لكن هل يستطيع الأمين العام للأمم المتحدة أن يرفع صوته بالاحتجاج على الدول المتأخرة بالدفع، طبعاً لا.. لأنه يعلم أن الأمم المتحدة عاجزة عن تحدي الولايات المتحدة بمجابهتها بحقائقها، علماً أن القانون الأممي يقضي بحرمان الدولة التي لا تؤدي ديونها من تداول الكلمة في جلسة افتتاح الدورة ويمنعها من حقها في التصويت على القرارات، حسب ميثاق الأمم المتحدة (المادة 19): «يجوز حرمان دولة عضو من حق التصويت في الجمعية العامة إذا كان المتأخر عليها مساوياً لقيمة الاشتراكات المستحقة عليها في السنتين الكاملتين السابقتين أو زائداً عنها»، وقد طبق هذا الشرط الجزائي على أعضاء مختلفين على مر السنوات، فهل يأتي يوم تكون الأمم المتحدة قادرة على تطبيقه على الولايات المتحدة؟. |
|