تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يان الراعي

ثقافـــــــة
الخميس 18-10-2012
 وفاء صبيح

احتفظ بذاكرتي عن تواضع الكبار عدة حكايا وروايات, ومنها ان ادونيس, الشاعر والمفكرالسوري، كان يتحاشى الحديث مع الفتيات أيام الدراسة لفقره, وانه في أحيان كثيرة كان ينام في الغرفة التي استأجرها في اللاذقية فوق بنطاله لكّيه,

وهذه الذكريات المرهفة حكاها يوما ما في أحد مقاهي البحر في جبلة, حيث كان يدخن أغلى أنواع السيجار، ومما اعترف به الروائي حنا مينة, اشتغاله في صباه كصبي حلاق، وانه نام مرات ومرات جائعا.‏

هناك رابط اعتقد به بشكل عام, وهو ان خيطاً رفيعاً غير مرئي يربط بين العبقرية والفقر, أو لنقل المعاناة, أو لنخففها أكثر فنقول إن المعاناة في الصغر او الشباب تترك بصمات من ذهب في نتاج الشخص المبدع لاحقا, وإلا كيف نفسر بين ماباح به هؤلاء وبين الأديب الصيني الذي حاز على نوبل مؤخرا.‏

مو يان، يقول إن الفقر والوحدة هما فقط من دفعاه إلى الكتابة, وهما فقط من أسسا له مجدا لحق به بحيازته نوبل وبترجمة الكثير من أعماله إلى اللغات العالمية, فيما ترجم له العرب عملا واحدا فقط، فقد اخبره احد أصدقائه العمال بأنه يعرف كاتبا يأكل ثلاث وجبات من لحم الخنزير يوميا,مما خلق لديه دافعا.‏

الكاتب الصيني الذي تفخر به الصين كأحد رموزها الثقافية, اشتغل راعيا في فترة ستينيات القرن الماضي، عندما كانت المجاعة تفتك بالصينيين ككل, لم يجد أمامه سوى الكتابة كفعل او كوسيط لملء معدته، الخيط بين المعاناة وبين النتاج النوعي اللاحق لاينطبق على جميع الفقراء والمحتاجين، هو يشترط على هؤلاء ان يكون لديهم زوادة من جنون.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية