|
حديث الناس وعندما طرح شعار الزراعة هي العمود الفقري للاقتصاد السوري استهزأ البعض بدعوى أن الصناعة هي الأهم أو حتى الخدمات أو السياحة، بيد أن الواقع العالمي وليس المحلي فقط أثبت أهمية الزراعة فهي أصلاً التي تمد الصناعة باحتياجاتها وهي أساس التنمية المستدامة التي لم تعد سراً بل حاجة فرضتها ظروف الحفاظ على المناخ والموارد الطبيعية للحياة بأكملها. ونعود اليوم لنسأل عن دور الإرشاد الزراعي لأنه الأداة الفعلية لنقل تكنولوجيا العلم والبحث العلمي للمزارع مباشرة، وبالتالي التنمية الزراعية المنشودة وهي الأساس في رفع معدلات النمو الاقتصادي التي كنا نبالغ بها بأرقام وهمية. لا نريد أن نظلم الإرشاد بجرة قلم، لكننا ومنذ ربع قرن نسمع عن الإنجازات والأرقام لأجهزة الزراعة بالقول: لدينا 600 وحدة إرشادية تغطي كل المناطق، ومنذ ذلك التاريخ ولو أنجزت تلك الوحدات 10٪ فقط من مهامها لأصبحنا نضاهي في الزراعة هولندا مثلاً ووفرنا مليارات الليرات سنوياً تذهب هدراً نتيجة الضعف في عملية الإنتاج الزراعي، عدا عن الهدر الذي يشكل دون مبالغ 30٪ من الإنتاج، وعدا عن تدني النوعية وعدم تجانسها وكذلك وهو الأهم استنزاف المياه لأن الري الحديث لم ينفذ سوى بنسبة 20٪ فقط. وبالأمس صرح مسؤول في وزارة الزراعة «للثورة» بأن ظاهرة المعاومة للزيتون، التي تؤدي إلى خسارة بمئات الملايين من الليرات سنوياً، يمكن تخفيف حدتها لدرجة القضاء عليها نهائياً من خلال إتباع بعض الأمور الفنية للحفاظ على إنتاج وفير سنوياً منها التقليم السنوي الخفيف للشجرة بما يحسن النموات الجديدة ويخفف من ظاهرة تبادل الحمل، إضافة للاهتمام بعمليات التسميد والري المناسبين بما يعطي أفضل النتائج ويزيد الغلة السنوية لهذا المحصول الاستراتيجي التي تبلغ كمية إنتاجه نحو مليون طن زيتون سنوياً. فهل تتحرك دوائر الإرشاد الزراعي ومنذ اليوم ولموسم زيتون قادم لرفع شعار (وداعاً للمعاومة)؟ أم أن موظفيها منسيون وغارقون في مشاريعهم الخاصة حتى العظم ولا يمرون على مكاتب وحدات الإرشاد إلا نادراً والغبار تعشعش فيها ولا حياة لمن تنادي؟ |
|