تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كيفية التعامل مع الابن المراهق..؟

مجتمع
الأحد 28-3-2010م
فردوس دياب

لاتخلو معاشرة الناشئة من المتاعب ، ذلك أنه من الممكن أن يتحول فلذات أكبادنا بين ليلة وضحاها إلى أغراب مستقلين بذواتهم وأفكارهم وأذواقهم ،

ناهيك عن أنهم ينشؤون في بيئة مفتوحة على كافة الاحتمالات بسبب التقدم الكبير في وسائل الاتصالات المرئية والمسموعة والانترنت والتي جعلت من العالم قرية صغيرة ومن المراهق مسافرا حائرا لايعرف وجهته و بحاجة الى من يرشده الى طريقه الصحيح محيلا المهمة الى أهله وأسرته ومدرسته وبيئته المحيطة ... وبغية التعريف بمهام ودور الوالدين في كيفية التعامل مع سلوك ومشكلات أبنائّهم المراهقين كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور إياد يانس الاختصاصي في الطب النفسي ليحدثنا عن ماهية المراهقة وكيفية تعامل الأهل مع المراهقين، إضافة الى لقائنا بعض الأمهات التي تحدثن عن بعض المشكلات التي تعترضهن خلال معاملتهن أبناءهن المراهقين وماذا يفعلن لمعالجتها .‏

غياب الحوار سبب فشل الأبناء‏

السيدة أم إيهاب الأم لأربعة أولاد أرجعت عدم قدرتها على السيطرة على أولادها المراهقين الى البيئة المحيطية السيئة والتي تتكون من أصدقاء المدرسة والشارع .. وقالت إنها تلجأ أحيانا لضرب ابنها طالب البكالوريا ليدرس ولو ساعة واحدة في اليوم وتقوم بالصراخ الشديد على ابنتها لمساعدتها في أعمال المنزل أو ترتيب سريرها وكتبها في الحد الأدنى وأضافت أنها تعاني جدا مع ابنها الصغير من ناحية عدم سيطرتها عليه عندما يذهب ليشتري المثلجات والأشياء غير الصحية التي تسبب ضررا له، أما السيدة أم أحمد الأم لأربعة أولاد أيضا فقالت إن عدم وجود الحوار مع ابنائها أوصل العلاقة معهم الى طريق مسدود حيث جميع أبنائها في المدارس واتجه المراهق الأكبر الى التدخين والهروب من المنزل لساعات طويلة وقضاء معظم أوقاته متسكعا في الشوارع.‏

ومن جهتها قالت السيدة أم بسام أن معاملتها الحسنة لأبنائها المبنية على الحوار والصدق جعلت منهم مثالا للأخلاق والتفوق الدراسي‏

موضحة أنها لم تقم بضرب أي منهم على الاطلاق أو توجيه أي اهانة لهم .‏

ماهية المراهقة كانت مفتاح حديث الدكتور إياد يانس الذي عرفها بأنها مرحلة الاقتراب من النضج والانتقال من الطفولة الى الشباب، مضيفا أنها فترة معقدة من التحول والنمو تحدث فيها تغيرات عضوية ونفسية وذهنية واضحة تحول الطفل الصغير إلى عضو في مجتمع الراشدين .‏

وأوضح يانس أن مرحلة المراهقة التي تتميز بتغيرات سريعة في مظاهر النمو المختلفة الجسمية والنفسية والاجتماعية يسبقها البلوغ الذي يحدد بداية نشوئها وفيها يتحول الفرد من كائن لاجنسي الى كائن جنسي قادر على أن يحافظ على نوعه واستمرار سلالته حيث تبدأ العلامات الجنسية الثانوية بالظهور.‏

وأشار د0 يانس إلى أن اليافع يبدأ بالتعرف على نفسه في هذه المرحلة ويكون موضوع الهوية هو المحور الأساسي لهذه المرحلة ليحدد هويته الجنسية والاجتماعية والنفسية، موضحاً أن المراهق يعاني في هذه المرحلة من عدة صراعات بين الاستقلال عن الأسرة والاعتماد عليها، وبين الرغبات والعادات والتقاليد، وبين الطموح والواقع حيث يلعب ضغط الأقران دوراً هاماً في هذه المرحلة حيث يشكو المراهق في هذه المرحلة من عدم فهم والديه له ويتصرف بعناد وحدية أحياناً ويصبح انعزالياً وينسحب اجتماعياً في أحايين أخرى.‏

إشراكه في حل مشكلاته..‏

ولكي يستطع الأهل التعامل مع ابنهم المراهق بشكل إيجابي والإسهام في بناء شخصيته على الوجه الصحيح والطبيعي، أوضح يانس أنه لتحقيق ذلك لابد للأهل من فهم طبيعة هذه المرحلة بكل جوانبها وأبعادها وإشراك المراهق في حل مشاكله وتشجيعه على طرح هذه المشكلات بشكل شفاف وصريح وان يحترم الأهل رأيه ، مؤكداً أن عدم فهم خصوصية هذه المرحلة يمكن أن تحدث عند المراهق مشكلات نفسية واجتماعية عديدة وفي كثير من الأحيان يشكل الخوف الزائد والمبالغ فيه من قبل الأهل عائقاً يمنع التواصل مع أبنائهم ، وأشار يانس الى أن هناك بعض الأهل يحاولون فرض أسلوب ونمط حياة على ابنائهم يتماشى مع رغباتهم وامانيهم الشخصية متناسين أهمية احترام استقلالية ابنهم وطموحاته التي يمكن ان تكون مختلفة مع طموحاتهم تجاهه.‏

وقال يانس إنه لايمكن أن نعزو الانحرافات والمشكلات الموجودة في المجتمع الى سوء التعامل مع المراهق فقط ذلك أن كثيرا من العوامل تلعب دوراً في هذا الموضوع، منوها أنه يمكن أن تظهر لدى بعض المراهقين انحرافات سلوكية تنتج عن التعامل الخاطىء من الضروري الاكتشاف المبكر لها حتى يتم التعامل معها بشكل صحيح وتحقيق نتائج أفضل.‏

ودعا يانس الى ضرورة التمييز بين مايمكن اعتباره طبيعياً وبين مايمكن أن يكون غير طبيعي ، ذلك أنه يوجد العديد من الأمور التي يجب متابعتها لدى المراهق كالسلوك اليومي( النوم والغذاء والتحصيل الدراسي والتفاعل الاجتماعي مع المحيط) ، مضيفا أنه يجب تشجيع المراهق على القيام بنشاطات اجتماعية والإصغاء لما يقوله واتباع أسلوب الحوار والشفافية والصراحة خلال التعامل معه، فالأسر المتماسكة ذات الروابط القوية هي التي تطرح مشكلاتها في جلسات عائلية يشارك بها الجميع ويتفهم أفرادها بعضهم البعض وتكون اقل عرضة لحدوث الاضطرابات النفسية, فشعور المراهق بالأمان والحب والاستقلالية والمساواة يولد من رحم الأسرة المتحابة .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية