تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بانتظار صدور توضيحات وزارة التربية... قرار حصر التعليم بالمعاهد.. باللغة الأجنبية.. إلى أين ..؟!

مجتمع
الأحد 28-3-2010م
يحيى موسى الشهابي

دأبت وزارة التربية في سعيها لرفع السوية التعليمية والعلمية مستغلة كل ما من شأنه تحقيق هذا الغرض حيث عملت على وضع الأسس الصحيحة للقطاع التعليمي بشقيه الخاص والعام،

كما عملت على رصد الجوائز والمكافآت للمتفوقين والمتميزين وكرمتهم إيماناً منها بأن مجتمع المعرفة والعلم هو المجتمع الذي يبني هذا الوطن، كل هذا شجع القطاع الخاص بدخول قطاع التعليم لتحقيق التشاركية في بناء البلد وأبنائه وخلق جيل قادر على البناء والتقدم، من هنا بدأت المدارس الخاصة والمعاهد التعليمية والمخابر اللغوية تسهم في العملية التعليمية بدور فعال خاصة بعد الموافقة على دورات تقوية للعلوم في هذه المعاهد حتى أصبحت بالآلاف وخرجت آلاف الطلاب، غير أن الأمر المهم هو التعديل الذي صدر في 14/3/2010 والقاضي بحصر عملها بتدريس اللغة الأجنبية فقط اعتباراً من العام الدراسي القادم هذا الأمر سبب تشاؤماً عند الطلبة وخاصة ممن فاتهم سنهم القانوني 18 سنة وحطم آمال الكثير انطلاقا من أهمية هذا الموضوع تحركنا في جريدة الثورة وبمجرد صدور هذا التعديل على العديد من المعاهد ووزارة التربية التي تريثت بالرد لحين صدور توضيحات وتفاصيل جديدة وتلقينا الكثير من الرسائل من محافظات أخرى وكانت المحصلة الحقائق التالية:‏

حسب الاحصائيات الرسمية فإن هناك حوالي 1000 معهد مرخص أصولياً في القطر العربي السوري ناهيك عن غير المرخص والذي شكل مشكلة وأحياناً إساءة لغيرها،المهم في الأمر أن المعاهد وحديثنا عن النظامية شجعها القرار بالموافقة على تدريس مواد الشهادات مساء ( دورات تقوية علمية) وفتحت أبوابها بشكل واسع للطلبة وبإحصائية بسيطة لو كان في كل معهد 10 مدرسين وإداريين يعملون في هذا القطاع وغالبيتهم من المتقاعدين وخارج الملاك لكان عندنا فقط 10000 شخص يعملون لتحسين وضعهم المعاشي وتحسين دخلهم، وفي مجال عملهم وليس بعمل آخر أحياناً غير لائق ولكان لدينا أكثر من 100،000 طالب شملهم التعديل وأثر عليهم وشرائح أخرى وبناء على هذه المعطيات فالقرار سيؤثر حتماً في عدة شرائح سنتطرق لها في جولتنا هذه.‏

أولاً: أصحاب المعاهد‏

غالبيتهم مدرسون متقاعدون مكنتهم ظروفهم المالية من تأسيس مشروع يدر عليهم دخلاً ومن صلب عملهم وفق شهاداتهم العلمية وخبراتهم التدريسية (التعليمية)، وهذه المعاهد أصبحت موردهم الأساسي وبالتالي فإن هكذا قرار سيكون وبالاً عليهم، وببساطة فإن تدريس اللغة الأجنبية لا يمكنه تغطية مصاريف الكهرباء والماء والهاتف فضلاً عن الرسوم والضرائب المفروضة عليهم خاصة وأنهم ليسوا المعنيين فقط بتدريس هكذا مادة، فالجامعات والمدارس الخاصة وحتى المدارس والهيئات غير الحكومية والحكومية تقوم بتدريس هذه المادة ناهيك عن المراكز الثقافية وغيرها وهنا يتبادر للذهن السؤال التالي: أين للمخابر اللغوية بتدريس اللغة الأجنبية من دور في هذا الزحام.‏

ومن ناحية أخرى فقط قامت عدة معاهد على سبيل الرعاية بتنظيم دورات باللغة الأجنبية ناهيك عن توزيع القرطاسية وأوراق الامتحان والنوط وغيرها مجاناً على الطلبة.‏

ثانياً: الطلبة .. المحور الأهم:‏

هناك نوعان من المعاهد: نوع يضم طلاباً نظاميين بغية الحصول على درجات تؤهلهم لدخول فرع في الجامعة يحقق الطموح وبأسعار تناسب وضعهم المعيشي وأغلبهم من ذوي الدخل المحدود، وهذا معناه أن مكانهم السليم في هذه المعاهد والأحرى ليس أمامهم سواها وبأسعارها الرمزية تقريباً إذا ما قورنت بالمدارس الخاصة.‏

والنوع الآخر من الطلبة أو الراغبين في التعليم لظرف معين كزواج الفتاة بسن مبكر مثلاً أو شيء آخر أدى لانقطاعهم عن الدراسة ولم يسمح لهم السن القانوني بدخول المدارس الخاصة كون هذا الأمر ينطبق عليهم كما ينطبق على المدارس العامة وأقصد فوق سن 18 عاماً وهنا يجد نفسه هذا الطالب في حال تطبيق القرار في الشارع أو محروماً من التعليم وجاهلاً في أحسن الأحوال وهذا الحق أي التعليم هو حق مشروع لكل مواطن كفله الدستور وحق نفاخر به العالم في كل مناسبة.‏

وفي جولة إلى بعض المعاهد تبين لنا أن هناك عدة جلسات درسية تقوم بها على سبيل المثال لطالب الشهادة الثانوية الفرع العلمي 180 جلسة في مادة الرياضيات و120 جلسة فيزياء و40 كيمياء و60 جلسة للغة العربية ومثلها بالانكليزية ونصفها للفرنسي و20 جلسة للقومية وهذه الجلسات تتم بإشراف وتطبيق صارم أحياناً وتحت اشراف وزارة التربية، وهنا أعني المخابر المرخصة ووفق مناهجها وهو ما يعني أن الطالب قد أخذ المنهاج كاملاً وأصبح جاهزاً للامتحان وبتطبيق القرار سنصبح أمام مشكلتين: الأولى هل يمكن لمديريات التربية إقامة الدورات التعليمية للفئتين من داخل الملاك (الطلبة النظاميين) وفوق السن القانوني 18 سنة ممن فاتهم قطار التعليم وسد الفراغ الذي سببه هذا القرار مادياً كادر تدريسي ومهني!‏

المشكلة الثانية وهي الأكثر خطورة وتتعلق بنتائج المشكلة الأولى وستحدث مشكلة اجتماعية خطيرة على المجتمع وهي وأتمنى ألا تحدث إذا فشلت وزارتنا الحبيبة في حل المشكلة الأولى ألا وهي أكثر من 100،000 طالب إلى الشارع -لاسمح الله- أما بالنسبة لنتائج الطلاب الأحرار المتدنية فهذا الأمر يمكن تجاوزه بتحديد الجيد من غيره في نتائج هذه المعاهد.‏

ثالثاً: الكادر التدريسي والإداري‏

لما كانت المعاهد المذكورة قد احتضنت آلاف المدرسين /متقاعدين خارج الملاك، داخل الملاك وحصلوا على موافقة بالتدريس مساء خاصة وأن تلك المعاهد غير مسموح لها التدريس إلا مساء أي خارج الدوام الرسمي للمدارس العامة.‏

فإنها قد عملت كما ذكرنا على رفع مستواهم المعاشي وتحسين وضعهم الاجتماعي بعمل يليق بكرامتهم بدلاً من عملهم كسائق تكسي أو بائع أو شيء آخر وأحياناً في الحدائق قضاء للوقت أو ..؟ وبحسبة بسيطة فإن خلاصة هكذا قرار هو آلاف الأشخاص يعانون من البطالة ومشكلاتها.‏

رابعاً: الدروس الخصوصية‏

شكلت ومازالت الدروس الخصوصية مشكلة كبيرة في المجتمع وخاصة للأسر الفقيرة وبصراحة نقولها: إن المدارس العامة ولعدة أسباب منها الكثافة والعدد الكبير وأحياناً المعلم كانت من العوامل الدافعة لها من هنا كان أمام الطالب وأسرته إما الدروس الخاصة أو المعاهد، وكانت الثانية وبحساب بسيط هي الأرخص فلو كان عدد الجلسات حوالي 500 جلسة ورسم أجور المعهد حوالي 20000 ل.س لكانت الجلسة حوالي 40-50 ل.س فقط بينما المدرس الخصوصي لأقل من 500 ل.س وسطياً.‏

إذن في حال اغلاق تلك النافذة سيبدأ عندها الاستغلال ورفع الأجور وتنشيط ظاهرة الدروس الخاصة بطرق غير مراقبة والمتضرر الأول والأخير ذلك الطالب الفقير وأهله وأتمنى أن تكون الوزارة قادرة على سد هذه الفجوة بعد كل ذلك لانشك بقدرة ونوايا الوزارة وأقصد وزارة التربية والتعليم على إيجاد مخرج لهذه المشكلة وما تسليطنا الضوء على السلبيات التي وجدتها شرائح من المجتمع في هكذا تعديل إلا من واجبنا المهني والأخلاقي في دعم هذه المسيرة الجليلة لقطاع التعليم في سورية ونحن نتاجه بكل شرف ونرى أن الخطوة الأولى تنبع من مدارسنا العامة وذلك عبر تدارك السلبيات الموجودة فيها وتحقيق كرامة المعلمين البناة الحقيقيون للأجيال ومصلحة أبنائنا الطلبة بناة المستقبل وأمل الغد وتنظيم أمور أقدس مهنة في الحياة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية