تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


(قناص أمريكي)...هوليوود حين تُغمض عيناً وتفتح أخرى..!

ثقافة
الثلاثاء17-2-2015
لميس علي

على ما تريد ووفق ما تبتغي تفتح العين الأخرى.. على مشهدٍ- مشاهدات تختص بها عدسة هوليوود دون سواها من سينمات العالم.

كان من الممكن لفيلم (قناص أمريكي) أن يمر كما سواه من أفلام اعتادت آلة السينما الأميركية على إنتاجها وفق نمط تضخيم هالة البطل لديهم.. والتي أصبحت معروفة ومفهومة سلفاً من قبل المتلقي غير الأميركي. إذ دائماً ما كرّست صورة «بطل» لا يُقهر.. على حق.. يحارب الشر ويعمل على إحلال السلام.. إنه البطل وفق الصيغة الهوليوودية.. «الأسطورة» الأميركية.‏‏

كان من الممكن أن يمر دون أن يكون فيلم الحرب الأعلى ربحاً متصدراً قائمة «البوكس أوفيس» الأميركية.. وقائمة الترشيحات لكثيرٍ من جوائز الأوسكار.. لولا أنه يحكي قصة واقعية.. ويصوّر موضوعاً هو الأهم عالمياً.. محاربة الإرهاب.. بالطبع من المنظور الأمريكي.. ولولا توقيت إنتاجه وإعلانه..‏‏

هل تراها هوليوود تلعب لعبة السياسة حين تختار توقيتاً يشبه الأمس.. إذ يشابه العمل مابين زمن حكايته والزمن الحاضر.. كلاهما زمنان لمحاربة الإرهاب وفق العرف الأمريكي.‏‏

بذكاء.. يلوي سيناريو العمل عنق الحقيقة.. كما السيناريو الذي استخدمته الولايات المتحدة في غزوها العراق.. متذرعةً بوجود أسلحة الدمار الشاملة.. وللقضاء على تنظيم القاعدة.‏‏

يفيد الفيلم من هذه الجزئية ويظهر بطل العمل (كريس كايل- برادلي كوبر) ضمن صفوف البحرية الأميركية التي شاركت في غزو العراق.. وقد أصبح «قناصاً» يعمل على حماية جنود المشاة في مداهماتهم لأحياء المدن العراقية.‏‏

تحديداً.. يصوّر (قناص أمريكي) جولات المداهمة لمدينة الفلوجة.. حين يُعيّن «كريس» رئيس فريقٍ يسعى لإلقاء القبض على المدعو «القسام» اليد اليمنى للزرقاوي.‏‏

وهنا نقطة مهمة.. إذ يركز الفيلم على موضوعة إلقاء القبض على أعضاء «القاعدة» مغمضاً عينه عن أي انتهاكات أو أخطاء ارتكبها الغزو الأمريكي.. ليبدو ذا غرض نبيل. وليمعن في تكريس إنسانية (الغازي) يظهر ردة فعل (كريس) المتعاطفة حين يقنص طفلاً مع والدته لأنهما أرادا تهريب صاروخ لمواجهة جنود الاحتلال.‏‏

تخدرنا هوليوود.. بصرياً.. وللأسف تتقن ذلك.. فترانا نتعاطف مع بطل ينقلب عدواً في أي لحظة.‏‏

مجمل الحكاية تُروى من وجهة نظر واحدة ولهذا تكتب كما يُراد لها أن تكون.. لا كما كانت.. ومع هذا أثار الفيلم ردود أفعال مختلفة حتى داخل الولايات المتحدة إذ رأى البعض أنه يكرّس سيرة بطل.. بينما انتقده آخرون معتبرين أنه ينتصر لأسلوب العنف الذي استخدمه «كايل» في قتل ضحاياه الذين دعاهم، في كتابه الذي ألّفه عن تجربة مشاركته في حرب العراق ومنه اقتبس العمل، بالمتوحشين والأشرار.‏‏

ترد كلمة «الشر» في سياق الحوار الذي يدور بين (كريس كايل) وأحد زملائه المشكّيين بدوافع حربهم.. يقول له كريس: (جئنا لمحاربة الشر) فيرد الآخر: (الشر يوجد في كل مكان)..‏‏

لقطة يمررها الفيلم كنوع من التمويه على أساس أنه يظهر رأي الآخر.. والحقيقة لا آخر إلا غاياتهم وتسييد منطقهم.‏‏

فالميل الواضح لتبني وجهة نظر «كريس» أكثر من فاقع.. لاسيما بتصوير حال الجنود الأمريكيين الذين عُطبوا جسدياً أو نفسياً.. كما حدث مع «كريس» نفسه حين عاد إلى وطنه تاركاً الحرب بعدما حصد لقب «الأسطورة» وقنصه لـ (160) عراقياً.. فتظهر آثار خوضه المعارك على سلوكه العنيف لكن سرعان ما يشفى منه دون أن يبدي أي إيماءة ندم على ما فعله.. على العكس يؤكّد حين لقائه الطبيب النفسي الذي يسأله: (هل تندم على قتلك كل هؤلاء؟)، قائلاً: (أندم على أنني لم أستطع إنقاذ جنود أكثر).. وبالتالي التأكيد عليها كموقف غير فردي وحسب إنما كموقف يعكس وجهة نظر دولة.‏‏

لكن.. ما الذي أراده المخرج كلينت إيستوود بتركيزه على هذا الجانب من بطله.. ؟‏‏

هل هناك من رسالة تختفي ما وراء ظاهر الأمر.. ربما.‏‏

دون ذلك يبدع إيستوود بإدارته لهذا النوع من الأفلام.. برسمه لمشاهد الاشتباكات والانفجارات وبأخذه للقطات تظهر جغرافية الموقع الذي يصورون فيه..‏‏

المهم.. في كل ما تقدّم..‏‏

أن الفجوة التي يحدثها فيلم (قناص أمريكي) في وعي السينمات العربية كما غيره من أفلام.. يبيح السؤال: إلى متى سيبقى التاريخ يُكتب بصرياً بطريقتهم.. ووفق lamisali25@yahoo.com"؟‏‏

lamisali25@yahoo.com‏">روايتهم‏

lamisali25@yahoo.com"؟‏‏

lamisali25@yahoo.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية