|
متابعات سياسية وحين بقيت (القاعدة) تعمل وتنتشر وتوفر للولايات المتحدة فرص التدخل العسكري في المناطق التي تسللت إليها هذه المجموعات كما حدث في باكستان حيث قتل بن لادن وفي اليمن ومالي والصومال. بل إن إدارة أوباما استخدمت تسلل مجموعات (القاعدة) إلى سورية لإنشاء فروع لها مثل داعش والنصرة وغيرها على الأراضي السورية لزعزعة استقرار البلاد ثم تمكنت إدارة أوباما من العودة للتدخل العسكري المباشر في العراق عبر التلويح بخطر داعش. صحيح أن الجذور التاريخية لمثل هذه الحركات هي جذور محلية تمتد إلى أعماق العصور القديمة إلا أن لعبة تحريك مثل هذه الرواسب المحلية وتوظيفاتها استخباراتياً وسياسياً كانت وماتزال في أيدي الولايات المتحدة ومراكز أبحاثها التي تعج بالخبراء من شتى دول العالم. وعلى مقلب آخر... نجد أن نظرة في مالية داعش تكاد تقود الباحث إلى تصديق أو قبول الأقوال الأميركية عن هذا التنظيم..إذ رغم أنه ليس هناك احصاء دقيق لهذه المالية إلا أن هناك شبه اجماع من المتابعين بأن داعش تمتلك ثلاثة مصادر من التمويل بدأت بأموال خليجية رسمية..ثم أموال خليجية وغير خليجية من منظمات وأشخاص ومنظمات ترى في داعش أداة تحقيق أحلام لها سواء كانت من طبيعة سياسيةأو من طبيعة دينية..أما المصدر الأهم اليوم ، هو المصدر المحلي الذي توفره البنى الإنتاجية في المناطق التي يسيطرعليها داعش في كل من العراق وسورية والتي يشكل النفط أهم مصادرها. لقد مكنت هذه المصادر المالية المتعددة داعش من جمع ثروة بلغت على حد تقديرات البعض مايقارب 2،1 بليون دولار، وهنا يطرح السؤال من الراعي والمسؤول الرئيس من نمو داعش وتجذرها والترويج لها باعتبارها الخطر الذي يهدد العالم ويستوجب حشد الطاقات الدولية لمواجهتها؟ يؤكد المستشار السابق في مجلس الشيوخ الأميركي جيمس غاتراس أن أميركا هي من صنعت بأيديها وحش «داعش» ويرى أن السياسة الأميركية تخطىء من جديد حينما تظن أنها يمكن أن تستخدمهم في تحقيق مصالحها من دون أن تشكل تهديداً عليها. لقد حاولت واشنطن وحلفاؤها فتح غير جبهة لتفتيت المحور المقاوم للأطماع الإمبريالية كجبهة أوكرانيا، فكانت النتيجة استعادة روسيا شبه جزيرة القرم الاستراتيجية بالمعاني الجغرافية والعسكرية والاقتصادية، ووضع أوكرانيا في مهب نزيف مستمر من الانفصالات ، الأمر الذي شكل عبئاً ثقيلاً على أوروبا أكثر منه فوائد ماثلة، كما تولدت على نحو جدي أفكار انفصالية كانت نائمة فعادت للاستيقاظ في كل مكان من بريطانيا وفرنسا واسبانيا والسبحة ستتوالى، في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية متلاحقة وأفكار استعمارية غبية تتجه نحو الخارج فيما هم أعجز مايكونون عن حل مشكلاتهم الداخلية المباشرة. لقد بات جلياً على رغم كل المصاعب أن محور واشنطن مقبل على فشل ذريع في سورية والعراق رغم كل مايبذل لحرف النتيجة عن مؤشراتها الأكيدة ، ليضاف إلى فشلها في مناطق عديدة من العالم فشل جديد، فضلاً عن الكراهية المتجددة التي بات الأميركيون يخطون بها على امتداد الكرة الأرضية. زد على ذلك ، جربت أميركا استخدام سلاح النفط على نحو معكوس ضد روسيا وإيران وفنزويلا، لكنها لم تلحظ أن دولاً تقف في المحور المقاوم لمخططاتها كالصين ستستفيد من هذا التخفيض، كما لم تلاحظ أيضاً أنها وحلفاءها سيتضررون من هذا التخفيض، وأن في يد روسيا والصين أسلحة استراتيجية اقتصادية أخرى لم تستخدم بعد، ولن يكون لأميركا وحلفائها بيئات حاضنة على مستوى العالم، لتكشف أغراضها العدوانية الحربية الطامعة بثروات الشعوب والأمم والدول والساعية للهيمنة المطلقة على العالم ، فيما هي عاجزة عن مداواة قروضها. إن سعي واشنطن وحلفائها إلى توسيع دائرة العدوانات، وتوريط دول صغيرة وكبيرة فيه، بذريعة مكافحة الإرهاب لاتنطلي على أحد ، فهي المصنّع الأول والوحيد للإرهاب العالمي، سواء منه إرهاب الجماعات الخارجة عن القوانين وعلى ماتزعم أنها تمثله أو إرهاب الدول الذي تعبر عنه «اسرائيل» بشكل جلي . إن مكافحة الإرهاب إن صدقت الأقوال والنيات والأفعال ليس أمراً مستحيلاً وأول ذلك تجفيف منابع دعمه بدءاً بالإعلام الكاذب مروراً بوقف التدريب وإغلاق قواعده ووقف التزويد بالإرهابيين والسلاح والمال والبيئات الحاضنة والدعم السياسي وترك الدول والشعوب تعالج بطرائقها الخاصة جراحاتها المفتوحة بفعل فاعلين أوروبيين وأميركيين وصهاينة فدون ذلك كذب براح ومحاولات هروب إلى الأمام من فشل ماثل في سورية والعراق إلى انتكاسات جديدة... |
|