تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بعد العدوان على أسطول الحرية.. هل تفلت إسرائيل من العقاب؟

عن موقع loriert
شؤون سياسية
الخميس 3-6-2010م
ترجمة: دلال ابراهيم

ما الثمن الذي ينبغي على إسرائيل دفعه عقاباً على جريمتها تلك؟ وهل سيدوم هذا الحال مع إسرائيل في إفلاتها من العقاب أم هل ستجرؤ بعض الحكومات على اتخاذ إجراءات ملموسة لمعاقبة إسرائيل أو لإقناع حكومتها (وأيضاً شعبها) أن هذه السياسة لها ثمنها وأن القمع له ثمنه أيضاً وكذلك للاحتلال ثمنه الغالي؟.

نتج عن الهجوم الذي شنّه الجيش الإسرائيلي فجر اليوم الأخير من شهر أيار ضد قافلة السفن التي تحمل مساعدات غذائية لشعب غزة مقتل عشرين متطوعاً، ووقع هذا الهجوم في المياه الإقليمية الدولية، كما وأثار جملة ردود فعل تستنكر وتشجب هذا العدوان، بما فيها الدول الأوروبية والحكومة الفرنسية، وصرح وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير أن لاشيء يمكن أن يبرر استخدام هذا النوع من العنف، الذي ندين. كما واستدعت العديد من الدول، مثل السويد وإسبانيا وتركيا وفرنسا سفراء إسرائيل وألغت من جانبها اليونان مناورات عسكرية جوية مقررة مع إسرائيل وكذلك ألغت زيارة لقائد سلاح الطيران فيها.‏

بالطبع إن هذه الإدانات هي موضع ترحيب، ولو أن أحداً لايمكنه إيجاد مبررات لهذا العمل العدواني الإسرائيلي، وهكذا فإن الناطق باسم الحزب الحاكم الفرنسي فائق الوصف فريدريك ليفبفر أعرب عن أسف حزبه لسقوط الضحايا، ولكنه استنكر (الاستفزازات) من جانب من دعاهم (أولئك الذين يدّعون أنهم أصدقاء الفلسطينيين) وعشية ارتكاب هذا العمل العسكري أشار الفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي من تل أبيب في دلالة على (علمه بالغيب) إلى ميزات أخرى يتمتع بها أنه لم يشهد على جيش يتمتع بالديمقراطية مثل الجيش الإسرائيلي، الذي يطرح قضايا أخلاقية ووصف هذا الفيلسوف في رد فعله على هذا الهجوم، وهو الذي دخل أراضي غزة خلال الحرب عليها متهادياً على متن دبابة إسرائيلية أنه (عمل غبي) لأنه يلطخ صورة إسرائيل، ولكن لم ينبس بكلمة إدانة أو أسف على الضحايا.‏

والسؤال المطروح حالياً هو في معرفة الثمن الذي ينبغي أن تدفعه الحكومة الإسرائيلية عن هذه الجريمة، نظراً لأنه ومنذ أعوام تتبنى الأمم المتحدة قرارات، وتظل حبراً على ورق، كما وصوّت الاتحاد الأوروبي على عدد لاحصر له من النصوص التي تطالب إسرائيل بالانصياع للقانون الدولي، أو بكل بساطة إلى القانون الإنساني، في رفع الحصار عن غزة، على سبيل المثال، ولكن لم تقترن هذه النصوص بأي فعل، بل على العكس، كانت أميركا وأوروبا تكافئان إسرائيل.‏

وهذا ما أكد من خلال الموافقة حديثاً على انضمام إسرائيل إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وزيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لحضور مراسم انضمام بلاده، ويعني انضمام إسرائيل للمنظمة إدراج الضفة الغربية والجولان في محيط إسرائيل، وأن تسمح إسرائيل لنفسها أن تهاجم أسطول الحرية فهذا معناه أنها ترى نفسها تتصرف بموجب ضوء أخضر يُعطى لها عن أي عمل تقوم به.‏

وكان هذا هو الحال في كانون الأول من عام 2008، حين قرر الاتحاد الأوروبي «تعزيز» العلاقات الثنائية مع إسرائيل، الأمر الذي منحها امتيازات لم تمتلكها أي قوى عظمى لغاية الآن، وانطلقت في عدوانها على غزة مرتكبة دون الخوف من أي عقاب (جرائم حرب) وحتى (جرائم ضد الإنسانية).‏

وعقب هذه الحرب كتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الأراضي المحتلة ريتشارد فولك مقالاً نشرته صحيفة لوموند ديبلوماتيك بعنوان (ضرورة تجريم المسؤولين عن عدوان غزة)، وبعد بضعة أشهر خلص رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي ريتشارد غولدستون إلى نتائج تحقيقه التي كانت وبالاً على إسرائيل، حتى وإن لم يخلِ ساحة حماس من المسؤولية، حيث أكد هذا التقرير أن إسرائيل هي التي خرقت وقف إطلاق النار، كما وسلط الأضواء على الجرائم المرتكبة، ويتوافق هذا التقرير مع ماجاء في العديد من التقارير الصادرة عن منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش.‏

ولم تفضِ هذه النصوص إلى فرض أي عقوبات ضد الحكومة الإسرائيلية، وإحدى الذرائع التي تبرر هذاالتقاعس أن هذه الوقائع الجرمية يجري فيها تحقيق جدي في إسرائيل، الأمر الذي دحضه القاضي شارون ويل على صفحات لوموند ديبلوماتيك في مقال له نُشر في عدد أيلول 2009 بعنوان (من غزة إلى مدريد، الاغتيال المستهدف لصلاح شحادة).‏

من جهة أخرى، تشن إسرائيل هجوماً لم يسبق له مثيل ضد المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، سواء أكانت دولية أم إسرائيلية، وتعتبرها تحمل تهديداً استراتيجياً لها يأتي بالدرجة الثانية بعد تهديد إيران وحماس وحزب الله، ونشأت مؤسسة حقيقية هدفها نزع الشرعية عن هذه المنظمات من خلال مجموعة تدعمها الحكومة واليمين المتطرف، وتخوض تلك المؤسسة حرب البروباغندا من أجل تبرير مالايمكن تبريره، السؤال هنا: هل ثمة مايثير الدهشة إن كانت إسرائيل قد اعتبرت أولئك المتطوعين المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يحملون المساعدات لغزة بصفة (إرهابيين) وتعاملهم على هذا الأساس؟.‏

يمكن لفرنسا وضمن إطار الاتحاد الأوروبي طرح اقتراح على شركائها يقضي بتعليق اتفاق الشراكة مع إسرائيل، بموجب المادة الثانية منه، والتي تنص صراحة إلى ضرورة التزام إسرائيل بحماية حقوق الإنسان، وبإمكان فرنسا ودون انتظار موافقة شركائها الأوروبيين اتخاذ ثلاثة إجراءات:‏

بداية يمكنها الانطلاق في حملة، وهذا وفقاً لقانون وقرارات الاتحاد الدولي، من أجل تتبع مصدر المنتجات الإسرائيلية المستوردة لفرنسا وحظر (وليس فقط فرض رسوم) على المنتجات التي مصدرها المستوطنات.‏

ومن ثم التأكيد على أن إقامة المستوطنين في الأراضي المحتلة غير مقبول به، وينبغي على أولئك الحصول على سمة دخول إلى الأراضي الفرنسية، وهذا إجراء من السهل تطبيقه عن طريق عناوين الأفراد الراغبين بزيارة فرنسا.‏

وأخيراً الإعلان عن أن المواطنين الفرنسيين الذين يؤدون الخدمة العسكرية في إسرائيل غير مسموح لهم الخدمة في الأراضي المحتلة، وأن مشاركتهم في عمليات جيش الاحتلال يمكن أن تعرضهم للملاحقة القضائية.‏

وكان برنار كوشنير قد أعلن أنه لايوجد مواطنون فرنسيون ضمن الضحايا على متن أسطول الحرية، ولكن هل يعلم إن لم يكن هناك مواطنون فرنسيون ضمن أولئك المسؤولين عن هذه الجريمة؟.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية