تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نافذة.. وصل الدم إلى شاطئ غزة، ولم تصل القافلة

آراء
الخميس 3-6-2010م
سليم عبود

يبدو لي ، بل من المؤكد تماماً، أننا في الزمن المقلوب..

في زمن أصبح فيه القاتل الصهيوني حامياً للسلام ، ومقاتلاً عنيداً ضد الإرهاب في البر والبحر والجو، خارج الحدود الإقليمية للكيان الصهيوني، وداخلها..وأصبح فيه المقتول الفلسطيني، والمدافعون عن الحرية إرهابيين وقتلة..‏‏

المجزرة التي ارتكبتها(اسرائيل) بحق قافلة الحرية، ليست المجزرة الأولى التي ارتكبتها (اسرائيل) بحق قافلة تحمل المساعدات الى غزة المحاصرة بالبنادق وجدران الفولاذ... ثمة مجازر متواصلة...‏‏

(اسرائيل) التي ولدت من رحم الجريمة، تمارس جرائمها بحق العرب منذ أكثر من ستين عاماً، تعتدي على الشجر والحجر والبشر... والعالم يغط في صمت أبله، ليت هذا الصمت يتمزق في مكان ما من خارطة هذا العالم الواسع، ليته يتفجر ذات يوم لعله يقول شيئاً غير تلك البيانات البلهاء المعتادة...‏‏

خارطة الثوابت في هذا العالم تتمزق، أحرار العالم باتوا في عرف أمريكا و(اسرائيل) إرهابيين..‏‏

والقتلة الصهاينة باتوا مناضلين...‏‏

إنه الزمن الغرائبي الفاقد لوجهه الحقيقي.. وقيمه الحقيقية..‏‏

الصمت، يكفن كل حياتنا العربية..‏‏

إنه مؤلم وثقيل كعضة كل مسعور..‏‏

حقيقة.. ماكان (لاسرائيل) أن ترتكب جريمتها بحق أسطول الحرية..‏‏

ما كان لها أن ترتكب جرائم عديدة قبل هذه الجريمة بحق قوافل أخرى أبحرت إلى غزة، ما كان لها أن تنبش كل حبة تراب تحت الأقصى وحوله، وأن تطرد المقدسيين من القدس، وتقضم الضفة الغربية قطعة قطعة، وتحاصر غزة منذ أربع سنوات لولا هذا الصمت الدولي الذي بات كالوحل الكريه..‏‏

لو كان العالم العربي موحداً في وجه العدوان لصنعنا زمناً جديداً، ولكتبنا أغنيات لها إيقاع الأناشيد المجيدة التي تحتفي بالتراب والإنسان والوجود..‏‏

ماذا تبقى من ثوابت في الزمن الأمريكي،‏‏

بل ماذا تبقى من أحلامنا العربية في الزمن الصهيوني؟!!‏‏

لولا تلك المقاومة التي تفتحت كالورود الشامية ، لولا هذا الماء الزلال في دمشق عاصمة العروبة الذي يسقي أشجار المقاومة لماتت أحلامنا كلها.. ولتحولت حياتنا العربية الى صحارى للموت..‏‏

أي تسمية تنطبق على زمننا هذا.. أهو الزمن الأميركي أم الزمن الصهيوني؟؟؟!‏‏

إنها إشكالية الذين يمقتون القراءات التي تغوص في عنق المواقف.‏‏

هما زمن واحد بكيمياء واحدة، لقتل إرادة العرب وإرادة أحرار العالم..‏‏

قافلة الحرية التي خرجت من إسطنبول ، وعلى متن سفنها رجال وأدوية وكساء وغذاء وقصائد وأناشيد وأغنيات بلون أجنحة الحمام الأبيض، قتلت برصاص العدو الصهيوني، أصابها الرصاص في القلب.. نزف الدم فوق موج البحر المتجه الى شواطئ غزة المحاصرة، مشى دم الشهداء على أجنحة الموج الى الشاطئ المحاصر ولم تصل القافلة.‏‏

في الزمن الأمريكي الإسرائيلي، قافلة الحرية التي تحمل الدواء لكل طفل وشيخ وإمرأة، والغذاء لبطون خاوية أنهكها الجوع، باتت قافلة إرهابية، نائب المندوب الأمريكي في مجلس الأمن أدان القافلة وأدان منظميها..‏‏

إنها الفلسفة التي تقوم على اعتبار القتيل إرهابياً، والقاتل رجل سلام.‏‏

لا أصدق أن لتمثال الحرية في نيويورك معنى حقيقياً في هذا الزمان.‏‏

نظرات تمثال الحرية المتجه الى البحار البعيدة، صارت سفناً وبوارج وصواريخ وقنابل موت للشعوب ولقوافل الحرية.‏‏

أنا على يقين كامل أن تمثال الحرية في تلك الليلة التي اعتقلت فيها اسرائيل قافلة الحرية كان تمثال الحرية في الجانب الإسرائيلي يرتدي خوذة، ويحمل بندقية عوزي، وأنا على يقين أيضاً.. أنه رأى الرصاص يخترق صدور الرجال العامرة بالحرية والحب والأمل والأحلام والتضحية..لأنها عامرة بالحرية، ولاشيء آخر..‏‏

في العالم العربي، نحن بحاجة الى الفعل، مات زمن الكلمات وزمن البيانات، صوت المقاومة في لبنان هوالذي لجم عن لبنان العربدة الصهيونية.. ماذا لو تحول العالم العربي الى عالم مقاوم؟؟؟ بالتأكيد كنا سنعيد بناء التاريخ مرة أخرى...‏‏

أبسط ما يجب أن يكون الآن أن نعتنق المقاومة في كل حياتنا.‏‏

صحيح أن السلاح مهم جداً في الحرب، لكنه غير حاسم، الإنسان المقاوم، لا السلاح هو العامل الحاسم في زمن طغيان الإجرام الصهيوني، والهيمنة الأمريكية...‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية