تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النظافة مشردة..!

آراء
الخميس 3-6-2010م
حسين عبد الكريم

البطولة صارت للوسخ؟! والنظافة بمعناها الشامل الإنساني صارت مشردة ومهددة بالسقوط والفقر الكبير، بعد أن كانت سيدة الموقف..؟!

الأكثر جمالاً أو الأقل ، والأكثر نظافة أو الأقل، والأكثر نباهة أو الأقل، والأكثر ثقافة أو أخلاقاً علمية واجتماعية أو الأقل..‏‏

تبدلت أقمشة المعاني وقمصان اللياقات والعلاقات... فصار بالإمكان التحدث بالأكثر وسخاً والأقل.. وبالإمكان تدليل وتدليع الوسخ، وتفصيل ما يريد من الثياب، والخيوط والروابط، وبالإمكان العثور على قميص لغة بديلة، الأكثر قباحةأو الأقل، والأكثر جهلاً ولؤماً فكرياً ونفسياً أو الأقل، والمبدع في مجال السخافة الأخلاقية والعلمية والاجتماعية أو الأقل .. فلان نظيف أو فلانة نظيفة،علامتان للضعف، وثمرتان للفاقة... النظيف اجتماعياً أو أخلاقياً في المفهوم المتداول والدارج هو البأس والطيب و...‏‏

الجمال صار محط تهمة والصدق محط استخفاف، والنظافة محط استخفاف.. الوسخون أخلاقياً صاروا موضة مطلوبة مثل الأكلات العاجلة( المرتديلا) و(الشيبس) وصاروا كحفلات الزواج المعاصرة : طبل وضجة ونقطة ووجع رأس، والباقي على المطربين(المكربين) والمطربات(المكربات) والمقاصف، المتهمة بالشعبية...أو الشعب الطيب متهم بها؟‏‏

من أين لنا أن نسمي السلوكيات التعيسة والأنشطة البائسة بالشعبية؟! والزمان الانحطاطي، وقد يجود على الوعي بتبدلات غريبة عجيبة، فيصير الجمال بكل متونه وشروحه وملاحقة وأقبيته عيباً ومتهماً، ولا يمكن تبرئته.. وعيباً بعد عيب يصير وقفاً لصالح البشاعة؟!‏‏

والتأكيد على الوسخ ليس حباً به، أو حواراً مع اليأس، بل بحث عن نظافة بارعة في أداء واجباتها الاجتماعية.. نظافة تسافر في ضمير الوقت كما تسافر النسمة في ضمير الغابة، وكما تسافر كلمات العشق في العاشقين..‏‏

بقدر ما نجيد نظافتنا بقدر ما نحسن الحسن ونتوصل إلى ثراء عاطفي معفيّ من ضرائب انهيار ثرواتنا الحسيّة والنفسية..‏‏

كلّ عاطل عن النظافة يُسبب التلوث والبشاعات ويتآمر مع المكر والتعاسة ضدّ الوجود الجميل والبقاء الراقي.. والعاطلون عن نظافة ضمائرهم مشاغبون وبشعون وعثرات..‏‏

قد اختلت كثيراً ملاحظات الرقيّ ومعاهدات الراقين.. وتجاسر على بهجة الأناقة أتعسُ الخلق وأوحشهم؟‏‏

يحاضر بالنجاح الفاشلون، ويحاضر بالمحميات الأخلاقية المتآمرون على أجمل الأخلاق؟ محميات الرقيّ غدرت بها بهجة التعاسة المزيفة.. وهجمت عليها قناعات الشاردين خارج دروب الإنس وممرات السرور الجانبية والرئيسية..‏‏

وجراح الكرامات أكثر من أن تُحصى وأن تشفيها علاجات تالية ومجانبة لوجع الضمير والحساسية الإنسانية..‏‏

الحساسية صارت عبئاً على أهل الإحساس، وصارت الأحاسيس الجلفة والمتحجرة هي الأكثر فعالية والمطلوبة.. إحساس من النوع الغليظ يمشي حاله وينفع مع بطولات الوسخ وعفونة الضمائر أكثر من الإحساس الرقيق والعذب والراقي، الذي لايرث من هكذا كون غليظ إلا الجراحات والأذية والخدوش..‏‏

حساسية النظافة والجمال محرجة ومصابة بالتدهور الاجتماعي وقلة العافية.. والوسخون في حالة من التباهي والمجاهرة بوسخهم يملكون مايملكون من الوسخ ويفاخرون ويعتدون بأنهم مالكون؟!.‏‏

وقت النظافة كسيح وأعرج وأعمى.. ووقت البشاعات بطر و(يشفّط) في شوارع الدهشة حتى تصير (دهسة).. الكذبات تنزل إلى الساحات العامة والدروب وأطراف البلدات والمدن والأرياف وتزرر قمصانها وتربط ربطات عنقها.. كل كذبة بقميص ولون وأزرار وكل كاذب وكاذبة والمزيد من ضراوة الوسخ والزيف والمزيد المزيد من الاعتداد الكاذب.. كذب وكذبات بكذبات..‏‏

وجبات كاملة , كذبات وأطباق كذبات شهية أو غير شهية لا علم لأحد إلا للذاوقين من ذوي الخبرات الخادعة..‏‏

النظيفون مخالفون مثلهم مثل سيارات واقفة بالاتجاه الخطأ.. وعلى شرطة المخالفات الاجتماعية شحطهم وشحط مالديهم من نظافة ورقة طبع ونجاح عملي وفكري واداري..‏‏

قصة حب نظيفة تكفي حياً وقرية.. يتناقلها المحبون والمتدربون على الحب.. القصة الحبية خائفة على واقع حالها؟! من يحمي قصص حب نظيفة من تشفيط قصص أخرى تسير عكس اتجاه الحب وعكس هوايات الانسان الجيدة؟!‏‏

قصة حب سقطت مضرجة بخيبتها جراء (تشفيط) قصة مكر ووسخ.. وحين بحثت عن ميراثها من الأناقة قيل لها: في سجل الأمانات..‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية