سيد درويش الذي أضاء وعينا الموسيقي
فنون الاثنين 4-11-2013 علي الأحمد يحار المرء في كيفية انجاز هذا المبدع الكبير ملامح المدرسة التعبيرية في موسيقى القرن العشرين ،وفي كيفية مغامرته الموسيقية العقلانية التي وضعت الموسيقى العربية في قلب الحداثة المنشودة ،
ولم يكن هذا الإنجاز بمعزل عن فترة المخاض الثقافي والفني الذي مرت به المجتمعات العربية بدايات ومنتصف القرن الماضي حيث انعكس ذلك على طرق الكتابة والممارسة بوجود نخبة من الرواد المؤسسين الذين حازوا العلم والمعرفة ووجهوا كل طاقاتهم الابداعية نحو تثوير هذا الفن وتخصيبه بمفردات وأدوات وصيغ كلاسيكية غربية بما منحها روحا جديدة خاصة مع القيم الذوقية والجمالية التي أخذت وقتا حتى ترسخت في قلب الحياة الموسيقية العربية التي قتلتها المناخات الحسية ببعدها الطربي سليل العثمنة ،الذي أفقد هذه الموسيقى القدرة على التغيير وملامسة جوهر التعبير الذي عرف هذا الفنان الخلاق كيف يستنطقه ويفك سره الخبيء، ألحانا عذبة صادقة تعبر عن نبض الشارع وآمال وآلام الناس الذين عاش معهم وكتب من أجلهم حضوره الموسيقي الباذخ وبصماته الخالدة في المسرح الغنائي كما في الموشحات والأدوار العظيمة والطقاطيق الجميلة التي لاتزال الى يومنا هذا تمنحنا كل الأوقات الطيبة الهانئة (زوروني كل سنة ،الحلوة دي ،خفيف الروح ،طلعت يامحلا نورها ،وأدوار أنا انتهيت ،وضيعت مستقبل حياتي) والكثير من الأعمال الموسيقية الباهرة التي بات يؤرخ لها كمرحلة وحقبة جديدة للموسيقى العربية المعاصرة اعتمدت على الروح الحداثية التي تؤدي الى إثراء وإغناء هذا الفن بقيم التعبير سواء أكان ذلك في الكتابة الموسيقية أو في طرق الأداء الغنائي العربي المعاصر ،وهو ما تفهمه سيد درويش وحققه من خلال عمره الموسيقي الخاطف ، لتعيش الموسيقى العربية عصرها الذهبي الثاني مع هذا الجيل الموسيقي الذي تزعمه هذا الفنان الثائر ومريدوه الكثر الذين تابعوا المسير والمسار مستحضرين روح هذا الفنان في كثير من نتاجهم الموسيقي والغنائي على حد سواء عرفانا لهذا المعلم الكبير الذي أضاء وعينا الموسيقي ومنحنا القدرة على اكتشاف السر الموسيقي وملامسة تلك الروح العظيمة التي كتبت لنا وللأجيال موسيقى عربية حقيقية .
|