|
دراسات الرسالة الروسية التي كتبتها الدبابات الروسية على الأراضي الجورجية كانت سريعة وواضحة جداً لكل من يعرف القراءة على الساحة الدولية روسيا ما زالت دولة عظمى وغير مسموح لأحد اللعب داخل الأراضي الروسية وهي ما عبر عنها فيما بعد بوضوح فلاديمير بوتين الرئيس الروسي السابق ورئيس الوزراء الحالي بالقول: الحدود السابقة للاتحاد السوفييتي هي حدودنا . الحرب التي اندلعت في اقليم القوقاز بين جورجيا وروسيا وبعيداً عن التحليلات التي أرجعت بعض أسبابها إلى خطأ في تقدير الحسابات من قبل جورجيا وحليفتها أميركا أو أنها نقيض ذلك أي إنها خطوة استفزازية مقصودة من قبل أميركا, أو أنها تصرف فردي وغير مسؤول من قبل الرئيس الجورجي ميخائيل سكاشفيلي حتى يجبر أميركا والغرب على مواجهة محتومة مع روسيا.. ليست سوى حرب تصفية حسابات قديمة جديدة بين أميركا وروسيا.قاعدتها صراع المصالح بين الدولتين الكبير الذي أفرز ملفات كثيرة في مختلف مناطق العالم وهي بالتالي استمرار بطريقة أو بأخرى للحرب الباردة التي لم تتوقف لحظة بين الطرفين منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. هذه الحرب التي أطلقت شرارتها الولايات المتحدة و إسرائيل والتي كانت وقودها جورجيا, بغية الضغط على روسيا وإجبارها على الرضوخ في كثير من القضايا والملفات التي لا يمكن تمريرها دون موافقة الدب الروسي كالموافقة على نشر الدرع الصاروخية الأميركية في بولندا والتشيك والمساعدة الفعالة في الملف النووي الإيراني, هذه الحرب كانت متوقعة في أية حظة بسبب السلوك الأميركي المريب والعدواني في منطقة القوقاز منذ مدة طويلة وخاصة جورجيا حيث يسعى الغرب لجعلها قاعدة عسكرية لحياكة المؤامرات ضد الدولة الروسية التي صبرت طويلا على تصرفات حكومة سكاشفيلي العدوانية من جهة, وبسبب نفاد صبر روسيا على هذه الأعمال العدوانية التي لم يعد ينفع معها السكوت من جهة أخرى , فإحاطة روسيا بشبكة من الدروع الصاروخية الأميركية في دول كانت فيما مضى بعضاً من دول الاتحاد السوفييتي ودعم الناتو لأوكرانيا وجورجيا للانضمام إليه لحصار ومنع روسيا من الوصول إلى شواطئ بحر قزوين الممتلئ بالنفط لا يعني إلا شيئاً واحداً فقط هو تطويق روسيا وعزلها ومن ثم نزع مخالبها, وهو ما استلزم ذلك الرد الطبيعي والمشروع من قبل روسيا وهو ما اعترف به السفير الأميركي في موسكو. أميركا و إسرائيل واللتان تركتا سكاشفيلي وحيداً في حرب خاسرة كعادتهما دائما مع حلفائهما اللتان تبحثان عن انتصار أي انتصار حتى ولو كان على المريخ بعد فشل سياسة الأولى الدموية بقيادة إدارة بوش على مستوى العالم, وهزيمة الثانية خلال حرب تموز على أيدي المقاومة اللبنانية تلقيا صفعة جديدة, وهذه المرة على يد دولة عظمى شعرت أن مصالحها يتهددها خطر كبير بعد سلسلة من التدخلات الأميركية والإسرائيلية على حدودها التاريخية ولعل أبرز هذه الاستفزازات التي أثارت روسيا تتلخص ب: - اتفاقية التعاون العسكرية الأمنية بين جورجيا و إسرائيل والتي تقلق روسيا خاصة في ظل ورود تقارير تحدثت عن إمكانية استخدام سرائيل للأراضي الجورجية في توجيه ضربة لإيران. - تقديم التسهيلات الجورجية غير الطبيعية للقوات الأميركية. - انضمام جورجيا لحلف الناتو الذي يؤدي إلى محاصرة روسيا ومنعها من الوصول إلى شوطئ بحر قزوين. - استخدام جورجيا كمقر لإعداد التقارير وتصدير الثورات الملونة إلى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق بما في ذلك روسيا. - استخدام جورجيا كقاعدة متقدمة للعمليات السرية التابعة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية وجهاز الموساد الإسرائيلي التي تتضمن أولوياتها إعداد وتدريب العناصر والميلشيات المنتمية للأقليات الساعية للانفصال عن روسيا. - ضم الاقاليم الجورجية الثلاثة أوسيتيا الجنوبية ومنطقة أبخازيا الشركسية وأبخازيا بالقوة إلى جورجيا. - نشر شبكة الدفاع الصاروخية الأميركية في التشيك وبولندا . قضية انفصال اقليم كوسوفو ودعم أميركا والغرب لها . - توسيع حلف الناتو ليشمل دولاً سوفييتية جديدة. - ملف التدخل الأميركي في القوقاز وآسيا الوسطى. - ملف منظمة حلف غوام ومهامها الأمنية العسكرية التي تشارك فيها إسرائيل بالوكالة عن أميركا. هذه الأفعال الهجومية الأميركية التي لا يحدها زمان ولا مكان والتي تنطلق من قاعدة المصالح الاستراتيجية للامبراطورية العظمى التي تسعى للسيطرة على العالم كفيلة باستمرار هذا الصراع إلى أمد بعيد جداً وفي أمكنة أخرى من العالم فأطماعها لا تقتصر على دولة أو منطقة بعينها وجورجيا ليست سوى حجر شطرنج على رقعة صراع تتجاوز حدودها بكثير. |
|