|
لوموند للجنرال ديغول الذي صدر في 21 شباط 1966 بوجوب مغادرة الهيئة العسكرية المندمجة للناتو, وتم بالتالي تفسير أسباب الانفصال عن منظمة الحلف الأطلسي والذي يتزامن مع مبادرة نيكولا ساركوزي بإعادة فتح الباب لفرنسا لإقامة علاقات قوية ومتجددة مع حلف الناتو وكذلك زيادة عدد القوات الفرنسية في أفغانستان لكي ندخل من الباب مرة ثانية يجب أن نمر به أولاً, كان قرار الجنرال ديغول يشوبه بعض اللبس والغموض وقد سعى خلفاؤه لإفراغه من جوهره ولكن دون التنكر للوضع المفيد لما نص عليه القرار فالجنرال ديغول يريد إجراء تغيير في منظمة الحلف دون أن يلحق الأذى به. لقد غادر القيادة المندمجة للحلف وسحب قواته المكلفة بالقتال عنه مقدماً بذلك حججاً ثلاث: فالأنظمة الشيوعية في الشرق أمست أقل تهديداً وكان يخشى أن تقحمنا الولايات المتحدة في نزاعات بعيدة في فيتنام والصين قد تشتغل من جرائها جميع دول أوروبا وأخيراً فإن فرنسا كانت تمتلك سلاحاً نووياً بحيث تحظر عليها طبيعتها الاشتراك في استخدامه. ولاشك أن الأميركيين لم يتوانوا عن انتقاد الجنرال ديغول بهذا الخصوص, لقد دافعت أميركا عن الحلف لكونه يشكل وحدة متكاملة إن إضعافه هو إضعاف للمنظمة وإن دوره في قارتنا يتعلق بقواته العامة ووجودها التي كانت تدافع عن أوروبا الغربية بردع الاتحاد السوفييتي الذي كان جيشه رابضاً في برلين. ومن الواضح أن فرنسا تستفيد من الناتو ولكنها تريد كما باح الجنرال ديغول بعمق تفكيره للمستشار كونراد في آذار عام 1966 حماية الحلف و)استعادة سيادته( وكان يأمل أن يتم الانسحاب المزدوج يوماً في أوروبا وهو انسحاب الروس والأميركان ومع ذلك لم يقدم الجنرال ديغول الحلول لقضيتين , ففي ذلك الوقت كان قرار الجنرال قد فرق الأوروبيين وفي المستقبل لن يكون ممكناً قيام وحدة سياسية بينهم دون التخلي عن السيادة. ومنذ ذلك الحين قلص خلفاء الجنرال حالة الانشقاق بينهم, ومنذ عام 1947 في أوتاوااعترف الحلفاء أن الردع النووي الفرنسي ساهم في أمن الحلف, وفي عام 1979 في قمة غوادلوب شجع الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار وستان سراً ولكن بعزم على نصب أسلحة نووية أميركية متوسطة المدى وفي عام 1983أكد فرانسوا ميتران تضامن فرنسا مع أسلحة ألمانيا وفي عام 1995 وافق جاك شيراك على قيام الناتو وبالتعاون مع القوات الفرنسية على إعادة السلام إلى البوسنة ,وفي عام 1991 كان ميتران يود تقريب بلدنا من البنى العسكرية للحلف والاستناد إلى امتزاج جون كيندي في تأسيس )دعامة أوروبية(, وفي عام 1991 سمح جاك شيراك للطائرات الفرنسية بإمرة الناتو أن تقصف بلغراد عاصمة أقدم حليف لفرنسا في البلقان وفي عام 2003 التزمت قوات فرنسية داخل الناتو في نشر الديمقراطية في جبال أفغانستان وهذا يعد تحدياً صعباً وخطراً وقد رفضنا عن دراية ومعرفة الاشتراك في الحرب على العراق. الوضع الحالي هو كالتالي : لقد لعبنا دوراً كبيراً في الاتجاهات والأعمال التي يقوم بها الناتو لم نشترك في القيادة المندمجة وليس في لجنة الأعمال أو الأسلحة النووية نحن داخل المنظمة ولكن بطريقتنا الخاصة دون أن نعلن ذلك بوضوح, هذه الفرادة تبرز نفوذنا أقله في عيوننا ونستطيع بالمقابل أن نغيظ أو نقلق الحلفاء لقد زال الخطر السوفييتي. التفاوت في القوات بين أوروبا وأميركا يبدو واضحاً وملحاً فالدخول إلى كوسوفو كان أمراً مستحيلاً لولا أميركا وأوروبا وكانت أميركا تأمل من الأوروبيين أن تساعدهم في تحمل عبء التأثير والنفوذ العالمي, ولكن هنا انقسم الأوروبيون فبعضهم يريد أن يمارس مسؤوليات أكبر في العالم ويمتلك قوة دفاعية ذاتية وآخرون يريدون أن يعود ذلك إلى الولايات المتحدة ولا ينتظرون زيادة في التسلح ولا لعب دور عالمي, وبدوره نيكولا ساركوزي يأمل تحقيق شيئين اثنين تسوية مكانته ووضع فرنسا داخل الناتو وتعزيز السياسة الدفاعية الأوروبية, وهذان الهدفان يكملان بعضهما بعضاً ويتحددان باتفاق الطرفين أي أوروبا وأميركا, ويتخذ الهدف الثاني معناه في الرغبة في توحيد أوروبا سياسياً , ولعل العلاقات مع أميركا تشكل الانقسام السياسي بين الأوروبيين, وهذا التباعد يؤخر اندماجهم بالناتو ويمكن حفظ -أو الأسوأ من ذلك- زيادة حدة عدم الاتفاق أو تقليصه فإذا أردنا التشديد على الاتفاق أو الاحتفاظ به فإننا نرفض أوروبا السياسية وإذا حددناه نستطيع أن نتقدم إلى الأمام وعليه يتوجب على الإدارة الأميركية القادمة أن تراهن بالفعل على أوروبا القوية وعلى حلفائها الاقتناع بقراراتنا والمشاركة بها. |
|