|
هيرالدتريبيون فخط الأنابيب الجورجي لن ينقل النفط المنتج في آسيا الوسطى فحسب وإنما سيسهم كذلك في تحرير اعتماد الغرب على نفط الشرق الأوسط هذا إلى جانب تحقيقه لهدف أمريكي آخر يتلخص في مقاطعة الغرب للنفط الروسي. ويأمل أن يؤدي التفاف أنابيب النفط حول روسيا إلى عزل تلك الأخيرة عن آسيا الوسطى وبالتالي الحيلولة دون إحكام سيطرتها على دول المنطقة وما تملكه من كميات ضخمة من احتياطات النفط والغاز إضافة لإبعاد موسكو عن مسارات تصدير تلك الثروات . وتعيد سياسة شد الحبل بين الغرب وموسكو إلى الأذهان لعبة مماثلة صخب بها القرن التاسع عشر حين نشب نزاع بين الامبراطورية البريطانية وروسيا القيصرية للسيطرة على منطقة آسيا الوسطى وتحيي اليوم واشنطن تلك السياسة القديمة الحديثة من خلال إعادة توزيع أنابيب النفط في منطقة آسيا الوسسطى واعتمدتها في التسعينينات من القرن العشرين والتي تنطلق من مقولة )تكمن السعادة في وجود خطوط أنابيب متعددة ومتفرعة . ويرى خبراء الطاقة حالياً أن النزاع بين روسيا وجورجيا يعرض المخططات الأمريكية لوضع يدها على أكثر مناطق تجمع البترول في آسيا الوسطى للخطر على هامش ازدياد الطلب على الطاقة وما يرافقه من انخفاض في الإمدادات وتراجع الإنتاج وهي العوامل التي دفعت أسعار النفط لتسجيل أرقاماً قياسية مؤخرآً. ويقول كليف كوبش المحلل السياسي في مجموعة يورو آسيا الذي عمل في وزارة الخارجية الأمريكية خلال ولاية بيل كلنتون: كان من الصعوبة بمكان إنشاء خط آخر لأنابيب النفط تعبر جورجيا فالقوميات المتعددة في تلك المنطقة وحكومات دول آسيا الوسطى وبحر قزوين تفكر ملياً قبل الإقدام على بناء شبكة خطوط جديدة للنفط تجتاز هذا الممر أو الدهليز الإستراتيجي كما يدعى ويحذر خبراء الطاقة من قيام روسيا بدور بارز في إعادة تشكيل مستقبل المنطقة المذكورة ففي عهد كلينتون والمتزامن مع انهيار الاتحاد السوفييتي نشب نزاع حول نفط بحر قزوين خلال التسعينيات من القرن الماضي لتشكل عملية مد خط أنابيب نفط تعبر جورجيا من باكو- تبليسي- سيهان إحدى مؤشرات نجاح استراتيجية الولايات المتحدة لوضع اسفين بين روسيا ودول آسيا الوسطى وكانت تدعى جمهوريات المنظومة الاشتراكية لكن سرعان ما فشلت المحاولات الرامية للحصول على النفط من كازاخستان عبر مسار يلتف حول روسيا, فمعظم الإنتاج النفطي لشركة شيفرون الأمريكية في حقل تنغز وشيفرون أكبر مستثمر هناك ينقل عبر خط جمعية أنابيب قزوين ويمتد من الساحل الشمالي لقزوين إلى ميناء نوفور سيسيك الروسي المطل على البحر الأسود. ويتمحور اهتمام العواصم الغربية اليوم حول ماذا سيحدث للبترول المستخرج من حقول كاشاغان في بحر قزوين والتي تمتلك أكثر من عشرة بلايين برميل من احتياطي النفط في العالم? وتقع كاشاغان خارج كازاخستان ويجسد استثمار نفطها أكبر طموح لشركات البترول الغربية التي تسعى لتطوير إمدادات نفط جديدة في بحر قزوين وسوف يستغرق تدفق نفط هذا الحقل فترة زمنية تقارب خمس سنوات ولكن الشركات العاملة هناك وتضم اكسون موبيل و كونوفيلبس تخطط لنقل نفط كاشاغان عبر خط باكور - تبليسي- سيهان وهذا يستلزم بناء خط أنابيب في أعماق مياه بحر قزوين الأمر الذي قد يلقى معارضة من روسيا, ويضع خط أنابيب باكو- تبليسي سيهان الذي يبلغ طوله 1800 كم تقريباً ما يصل إلى850,000 برميل نفط يومياً أي ما يعادل 1% من الإنتاج العالمي من أذربيجان عبر جورجيا وتركيا وصولاً إلى ميناء سيهان على البحر المتوسط ويشحن من هناك إلى دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة وتبلغ تكاليف بناء هذا الخط 4 بلايين دولار أمريكي وكانت عدة دول غربية وقبل مد شبكة أنابيب باكولا تبليسي- سيهان تسعى إلى إيجاد مسارات تجنبها المناطق الساخنة والمدججة بالمشكلات ولكنها واجهت العديد من الصعوبات إذ رفضت واشنطن أن يمر هذا الخط عبر إيران. وتحاول الولايات المتحدة بناء خط لنقل الغاز الطبيعي في آسيا الوسطى يوازي خط أنابيب باكو- تبليسي- سيهان إلا أن )فرانك فير سترواً( مدير برنامج الطاقة والأمن الوطني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن يجد أنه من الصعوبة بمكان بناء خط أنابيب يماثل الخط السابق وخاصة في الوقت الراهن وأضاف فرانك لم تستخلص الولايات المتحدة الدروس والعبر من مشاريعنا السابقة إذ اعتقدت أن كل ما عليها فعله هو الضغط على دول آسيا الوسطى سياسياً ودبلوماسياً للحصول على ما تريد بالنسبة لهذا الموضوع لكن واشنطن كانت على موعد مع الفشل الذريع. : |
|