|
ثقافة وهذه الأعمال تطلبت فيما يخص البنى التحتية الحفر الى عمق يزيد عن 5م في بعض الأجزاء, وهذا ما نتج عنه كشف العديد من الأحجار الأثرية التي اعترضت أعمال الحفر. وعن دور دائرة آثار دمشق من خلال إشرافها ومرافقتها للأعمال التي تتم ضمن المشروع المذكور ذكر الدكتور غزوان ياغي رئيس الدائرة, أن الأحجار الأثرية التي اعترضت أعمال الحفر كانت متوضعة على عمق 5م بنفس مستوى الصرف الصحي القديم الذي يعود لفترة الانتداب الفرنسي على سورية وبناء على ظهور أحجار أثرية تم تشكيل لجان من دائرة آثار دمشق مهمتها مراقبة الأعمال وتسجيل كافة القطع الحجرية التي تظهر وتوثيقها, إضافة الى ذلك قامت الدائرة بتجميع كافة القطع الحجرية التي ظهرت ومن ثم المباشرة بمشروع متكامل لتوثيقها من خلال التنظيف ورسم ثنائي وثلاثي الأبعاد وذلك لإعادة عرض هذه الأحجار المكتشفة ضمن الحدائق الناتجة بعد انتهاء تأهيل مشروع شارع مدحت باشا بما يشكل حديقة أثرية أسوة بقوس الخراب الذي ظهر بنفس المكان. كما أضاف الدكتور ياغي أن المشروع قسم الى قسمين, يرتبط القسم الأول من هذه الحجارة بإعادة تأهيلها ضمن حديقة القشلة أما الجزء الثاني من المشروع فيرتبط بالجزء الممتد بين قوس الخراب وحديقة القشلة. كما التقينا رئيس شعبة التنقيب الأستاذ همام شريف سعد الذي كان متواجداً في موقع العمل وقد زودنا بمعلومات عن آلية العمل بما يخص القطع الحجرية منذ اكتشافها وحتى الوقت الحاضر. وذكر أنه أثناء عملية اكتشاف القطع الحجرية كانت الخطوة التي قمنا بها هي تحديد مكان أي قطعة حجرية يتم ظهورها فوق المخطط العام للشارع المستقيم بالتعاون مع الجهة المنفذة لأعمال المشروع. والخطوة الثانية هي تجميع القطع بمكان واحد بحيث يمكننا العمل على توثيقها على أرض الواقع, إلا أن المشكلة التي اعترضتنا هنا هي أن عدد القطع الحجرية المكتشفة كبير ولا يوجد متسع لوضعها في سوق مدحت باشا فاقترحنا نقلها الى مكان آخر بجانب باب توما ليتسنى لنا تنظيفها وتوثيقها ورسمها بالشكل الأفضل. وعن طريقة التوثيق المتبعة أضاف الأستاذ همام: لقد قمنا بعمل استمارة لكل قطعة حجرية تتضمن أبعاد القطعة ونوعها ومكان ظهورها وكل ما يخص القطع الحجرية من معلومات ونقوم حاليا بنقل القطع الحجرية حسب الأرقام المعطاة لها في الاستمارة حيث يتم عرضها وفق المخططات المقترحة على أرض الواقع ضمن الحدائق الموزعة على جانبي سوق مدحت باشا (الشارع المستقيم) وستكون بمثابة متحف في الهواء الطلق. القطع الحجرية: فرضيات واحتمالات: ذكر الأستاذ همام أن القطع الحجرية المكتشفة تعود للعصر الروماني وهي مؤلفة من أعمدة وتيجان وأجزاء من أعمدة والعديد من المداميك الحجرية الكبيرة الحجم حيث يبلغ قطر بعض الأعمدة /1/م وهناك قطع حجرية تبلغ أبعادها /136/سم ارتفاع /112/سم عرض, أما البناء الذي تعود له هذه البقايا الحجرية فكان من الصعب تحديده لأنها كانت قد تعرضت للتخريب أثناء أعمال الصرف الصحي خلال الانتداب الفرنسي على سورية. لكن على الأغلب تعود لبناء ذي أهمية كبيرة كانت تطل واجهته على الشارع المستقيم كما هو الحال في الشارع المستقيم لمدينة أفاميا الأثرية حيث نجد هناك واجهات أبنية مهمة حجم حجارتها كبير جداً مقارنة بحجارة أعمدة الشارع المستقيم. فلا يمكن التأكد من طبيعة البناء الذي تعود له تلك القطع الحجرية باعتبار أنه عثر عليها في حالة عشوائية منهارة ومخربة في أجزاء عديدة منها. إن وجود مثل هذه البقايا الأثرية المتمثلة بأجزاء من الأعمدة وتيجان الأعمدة والمداميك الحجرية التي تعود الى حضارات قديمة تركت بصمة واضحة على أرض مدينة دمشق لتظل بمثابة وثيقة تاريخية تعلن عن ثراء جذورها العريقة الضاربة في عمق الذاكرة. |
|