تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عجائب السياسة

قضاياالثورة
الأربعاء 30/3/2005م
خالد الأشهب

لا أحد كان يعرف أن الرئيس بوش سيلقي خطاباً حول الحرية والديمقراطية يوم أمس, والقليلون فحسب استطاعوا التكهن بالمناسبة التي دعته الى ذلك الخطاب, غير ان من استمع الى الرئيس بوش ولا يعرف من قبل ما الذي جرى ويجري في العراق, اعتقد ان هذا العراق بات قطعة من الجنة, وأن افغانستان قد سبقته الى مكانها هناك وأن الشرق الاوسط عموماً والمنطقة العربية خصوصاً ستكون هي جنان الخلد الموعودة, واننا بتكرار ما فعله الاميركيون في افغانستان والعراق وبتنشق (رياح الحرية القادمة من هناك) على حد وصف الرئيس بوش, فإننا سوف نختصر التاريخ الطويل وتجارب الأمم المريرة, وسوف نقفز بخطوة واحدة الى ما وراء الحضارة الاميركية, تلك التي لا يزال الاميركيون يتوقون للوصول اليها.

من قال إن زمن العجائب قد ولى, ومن قال ان قوافل القديسين والبررة قد انقطعت بعض العجائب تحصل, وبعض القديسين يتحدثون? فإذا كان نيل الحرية سهلاً ويسيراً كما صوره الرئيس بوش, واذا كانت الديمقراطية هي صناديق الانتخابات فحسب وهي الطوابير المصطفة خلفها بانتظار ان تدلي بصوتها وتختار, وخاصة طوابير النساء اللواتي لم يخف الرئيس بوش اعجابه الشديد بهن, اذا كان كل ذلك سهلاً ومتاحاً, فقد كان غباء ان يدفع الفرنسيون مثلاً كل تلك الدماء التي دفعوها قبل اكثر من مئتي عام ثمناً للحرية والديمقراطية, بل وكان أكثر غباء ان يخوض الاميركيون الاوائل حرباً اهلية طويلة ومريرة ومليئة بالدم والدموع كي يتحرروا, وما كان اقل غباءً ان يتحمل الزنوج الافارقة الذين استجلبهم الاميركيون عبيداً الى اميركا, كل تلك الآلام والدماء وكل تلك السنين التي بلغت مئتي عام تقريباً كي ينالوا المساواة والحقوق الانسانية في حدها الادنى, وليس عسيراً او غائباً عن الذهن ان نستشهد كذلك بشعوب اميركا اللاتينية والهند الصينية والفيتنام وفلسطين وغيرها من الشعوب التي ذاقت الأمرين في سبيل حريتها وديمقراطيتها, وعلى يد من..? على يد الاميركيين انفسهم.‏

في العراق اليوم كما في افغانستان, أكوام من الركام والجماجم, مئات آلاف الضحايا وعشرات الفتن والانقسامات الدينية والطائفية والعرقية وغيرها. وكلها حصيلة اللمسة السحرية الاميركية إياها? كثيرة هي أطباق الفضة الاميركية, ولكن, حذار أن يمد أحد يده اذ ليس ثمة عسل حتى الآن ولن يكون, واللسع هو الشيء الوحيد المتوفر!!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية