|
الخرطوم فقد جلس إلى المنصة جنرال آسيوي يرتدي الزي العسكري الميداني المموه, وضابط أوروبي يرتدي زي الشرطة البريطانية, وبينهما إيان برونك الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة. كما انتشر في القاعة عدد من العسكريين الأجانب بسحنات مختلفة. صحت معلقا إذاً السيد برونك حاضر اليوم مع أركان حربه! وجاءني رد سريع اتسم بالنباهة من راضية عاشوري المتحدثة باسم البعثة الأممية ( بل السيد برونك )حاضر مع أركان سلامه! . لم يهبط هؤلاء العسكريون الأجانب من السماء فقد كانوا موجودين في السودان منذ سبعة اشهر يخططون لعملية دعم السلام في جنوب البلاد, ولمناقشة عدد القوات المطلوب نشرها ومواقعها, واحتياجاتها. وكان هؤلاء يمارسون تلك المهام مرتدين زيا مدنيا, ولكن ما أن صدر قرار مجلس الأمن بمنح التفويض اللازم لمهمة البعثة حتى سارعوا لارتداء زيهم العسكري. إذاً بدأ السودان مع صدور قرار مجلس الأمن الدولي الذي يحمل الرقم 1590 في 23/3/2005 الدخول في مرحلة جديدة من تاريخه مع ظهور جنود القبعات الزرق المميزة لقوات حفظ السلام الدولية على أراضيه, وكان بدأ يشهد قبل اشهر انتشار القبعات الخضر المميزة لقوات السلام الإفريقية بدارفور. بدأ السيد برونك مؤتمره الصحافي وهو يعلم تماما اهمية هذه اللحظة التاريخية في حياة السودانيين, وتحسبا لنظرة سلبية محتملة تجاه المهمة الدولية الجديدة في بلادهم, سارع إلى القول: ألفت انتباهكم إلى أمرين مهمين , وراح يذكر الحاضرين بالتزام مجلس الأمن وفق الفقرة الثانية من القرار 1590 وإذ يؤكد من جديد التزامه بسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه واستقلاله, وإذ يشير إلى أهمية مبادئ حسن الجوار, وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والتعاون الإقليمي . وحول الأمر الثاني الذي يراه مهما قرأ فقرة من القرار تقول ويأخذ في الاعتبار طلب طرفي اتفاقية السلام الشامل لتأسيس بعثة دعم السلام . وعلق برونك قائلا : أريد التأكيد على هاتين النقطتين لأنني أقرأ وأسمع وأرى أحيانا إفادات تقول إن الأمم المتحدة أتت لتأخذ بزمام الأمور في السودان, أو أنها تريد غزو السودان والسيطرة عليه . وأضاف لم تأت الأمم المتحدة إلى السودان بمبادرة منها, ولكن لأن طرفي عملية السلام طلبا منها ذلك, وهي هنا لتساعد السودانيين لتوفير الظروف المواتية لتحقيق ما هو أبعد من سلام التنمية . وتابع احكموا علينا في المستقبل إن كنا سنعمل بالفعل وفق مقتضيات احترام سيادة واستقلال السودان أم لا . ونبه برونك إلى أن العدد الأقصى المسموح بنشره حسب التفويض هو عشرة آلاف من القوات العسكرية و715 من الشرطة المدنية, ولكنه اعتبر أن هذا العدد خاضع للمراجعة كل ستة أشهر حسب الحاجة الفعلية, مشيرا إلى أن نشر عدد أقل من القوات سيسعد الدول المانحة نظرا للتكلفة العالية لعملية حفظ سلام بهذا الحجم مقدرا تكلفتها بقرابة واحد بليون دولار. |
|