|
مجتمع الإعاقة قضية إنسانية أولا المشاركة والمساواة وحقوق الإنسان قيم اجتماعية لتوفير حياة أفضل خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة التي تؤكد المحاضرات والندوات واللقاءات والأبحاث والدراسات على أهميتها وضرورتها في حياة هؤلاء, ورغم ذلك مازال المعوقون تحت رحمة العادات والتقاليد وما شابه, إن قضية الإعاقة واحتياجات الأشخاص المعوقين ليست منّة أو شفقة أو تبرعا أو عملا خيريا اختياريا, بل هي بمفهومها الإنساني قضية قيمة محورها الحق المكتسب وحقوقهم مشروعة أسوة بسائر البشر وهؤلاء غالبا ما تؤخذ قرارات مصيرهم نيابة عنهم فلا يُسألون عن رأيهم وقناعاتهم.. وكثيرا ما يوبخون ويضربون..و..و.. وتواجه رغباتهم بالرفض والصراخ والضجر والملل.. حتى أصبحوا مدمنين على تلقي المساعدة باستمرار, علما أن كثيرا منهم أحرزوا وحصلوا على مستويات رفيعة من البراعة والابداع في شتى مجالات الحياة والأمثلة كثيرة في هذا المجال. ولتسليط الضوء على هذه الفئة الاجتماعية, وكيفية التعاطي معها, والواجبات الاجتماعية والأخلاقية الواجب القيام بها نحوهم, والرعاية التي تحتاجها خاصة فئة الأطفال منهم إلى جانب ضرورة تعاون المدرسة والأهل كركن أساسي لتخفيف المعاناة, نجري اللقاءات التالية مع بعض الاختصاصيين والمعنيين الذين هم على تماس مباشر مع هذه الشريحة ذات الخصوصية المميزة: المتابعة وتضافر جهود الجميع > بداية تحدثنا مع السيدة نهى شعبان مديرة مركز المعالي لمعالجة حالات ذوي الاحتياجات الخاصة والاهتمام بشؤونهم وأوضاعهم حيث تحدثت قائلة: منذ وقت قريب شهدت ساحة بلدنا حركة غير اعتيادية بدأت تسري في شريان بلدنا بخصوص هؤلاء, فبفضل المرسوم الجمهوري الذي أصدره السيد الرئىس فيما يتعلق بالمعوقين تنفس هؤلاء الصعداء, وبدأت بذور الأمل تنمو لديهم حيث يكفل المرسوم للمعوقين ولأسرهم كل الحقوق التي تضمن لهم العيش الكريم, كما أن عقيلة السيد الرئيس تسعى جاهدة ولا تدخر جهدا في رعايتهم, حيث تتابع وتلاحق قضاياهم وأمورهم وأوضاعهم وتعطي الكثير من وقتها لمتابعة ذلك. كما أخذت وسائل الاعلام تنشط في هذا المجال وترافق نشاطات وفعاليات المراكز والأماكن المخصصة للمعوقين أينما كانوا وتواكب تطورهم وهذا يدل على مدى الرعاية والاهتمام حتى غدت المؤسسات الاجتماعية تحتضن كل هؤلاء بعد أن كانت حكرا على إعاقة معينة, واللافت في الأمر على حد قول السيدة شعبان زيادة وعي الناس في مثل هذه الأمور, حيث أصبح الناس أكثر تفهما وتغيرت النظرة الاجتماعية, ما يستدعي ألا يبقى المعوق أسير جدران منزله أو خائفا أو خجلا من ذاته, وعلينا جميعا أن نحاول قدر الإمكان تخفيف معاناة الأهالي, كما لا بد من أن ندعم ونساند كافة أجهزة الدولة من صحية وعلمية واجتماعية وثقافية ورياضية وفنية.الخ. أي خطوة في مجال المؤسسات الاجتماعية التي تعنى بالمعوقين ليتم دمجهم في مجتمعنا وفي جميع ميادين الحياة. الرعاية الطبية والصحية > عند الحديث عن الإعاقة والمعوقين لا بد وأن يكون للحالة الطبية والمعالجة أثر بارز في ذلك, حيث الرعاية الطبية لاتقل أهمية عن مثيلاتها اجتماعيا وإنسانيا وحياتيا وما إلى ذلك, من هنا تحدثنا مع الدكتور ماهر رياض الصمادي الاختصاصي في معالجة الأطفال:بداية نقول إن رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة قضية في غاية الأهمية لاعتبارات عديدة نعرفها جميعا, وما دمنا نتحدث عن المعوقين فإن الجدير ذكره هو أن للإعاقة أنواعا مختلفة فمنها التخلف العقلي الذي يعني انخفاضا ملحوظا في مستوى القدرات العقلية, وعجزا في السلوك التكيفي لدى الطفل, وثانيا: صعوبات التعلم وهي اضطراب في العمليات النفسية كالانتباه والتذكر والإدراك اللازمة لاستخدام اللغة وفهمها, وثالثا: الإعاقة السمعية وهي فقدان السمع الذي يؤثر بشكل كبير في قدرة الطفل على التواصل مع المجتمع من حوله, وفي قدرته على التعلم. ورابعا: الإعاقة البصرية وهي من الإعاقات التي تحد من إمكانية الحركة والتعلم, وخامسا: الاضطرابات السلوكية التي تعني انحرافا في السلوك من حيث تكراره أو مدته أو شدته عما يعتبر سلوكا عاديا, وأخيرا الإعاقة الجسمية التي تنجم عن الأمراض العصبية أو العضلية أو العظمية والتي تفرض قيودا على حركة الطفل وتعلمه. وقائع وبيانات ويتابع الدكتور الصمادي القول: إن حوالى 10% من سكان العالم مصابون بإعاقات جسدية أو نفسية وإن 80% من المعوقين هم من سكان الدول النامية حيث ترتفع نسبة الإعاقة مع تفاقم سوء التغذية والأمراض أثناء الحمل والطفولة المبكرة, وتعتبر الإعاقة مشكلة اجتماعية سواء للمعوق نفسه أم لأسرته وهي بالتالي تستدعي تركيز الجهود للحد منها والعمل على دمج الأطفال المعوقين في مجتمعاتهم ليتاح لهم إظهار طاقاتهم الكامنة وإمكاناتهم الخفية وليسهموا في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدانهم, وهنا لابد من التركيز على دور التوعية الصحية وتحسين الظروف البيئية وتوفير وسائل الاتصال,والقضاء على العادات والتقاليد الاجتماعية والغذائية السيئة, الأمر الذي يسهم فعليا في تخفيض الإعاقات وآثارها السلبية على الأطفال المعوقين وأسرهم. المعرفة في أسباب الإعاقة إن المعرفة العلمية بأسباب الإعاقة تلعب دورا حيويا في اتخاذ سبل الوقاية, كما تسهم في تحديد المجموعات التي ينبغي أن تستهدفها البرامج والخدمات الصحية والاجتماعية ويمكن أن تصنف هذه الأسباب في عدة مجموعات: أولا: مجموعة الأسباب قبل الحمل, وهنا لا بد من التنويه إلى أهمية الاستشارة الطبية قبل الزواج وضرورة معرفة الأمراض الوراثية لدى الأبوين, كما لا بد من الإشارة إلى سوء التغذية ودوره السلبي على الحمل. ثانيا: مجموعة الأسباب أثناء الحمل: كإصابة الحامل بأمراض خطيرة كالحصبة الألمانية, داء المقوسات أو التهاب الكبد, إضافة إلى تعرضها لعوامل ضارة كالتدخين والكحول والأدوية والأشعة والحوادث. ثالثا: مجموعة الأسباب المرتبطة بالولادة, كصعوبات الولادة نفسها مثل الولادات المعيبة والولادات العسيرة وما ينجم عنها من أذية دماغية للطفل وإصابة الوليد ببعض الأمراض الخطيرة كالعسرة التنفسية أو انتان الدم أو اليرقان النووي. رابعا: مجموعة الأسباب المرتبطة بمرحلة الطفولة, كالتعرض لأمراض خطيرة مثل التهاب السحايا, التهاب الدماغ, التهاب الأذن الوسطى المتكرر إلى جانب الظروف الأسرية المضطربة والحرمان الشديد. أهمية الكشف المبكر عن الإعاقة > ولدى سوالنا الدكتور ماهر عن أهمية وضروة الكشف المبكر عن الاعاقات وأثرها في المعالجة أجابنا: بأن أغلبية حالات الإعاقة قابلة للوقاية فهي نتيجة لعوامل ومسببات يمكن تجنبها, وإن المجتمع هو العامل المعيق في كثير من الأحيان, فالطفل قد يكون لديه ضعف خلقي أو مكتسب, إلا أن موقف المجتمع ونظرته يحولان هذا الضعف إلى إعاقة!! كما إن الطفل المصاب بإعاقة وبصرف النظر عن درجة اعاقته هو إنسان يعيش في مجتمع فلا بد من إتاحة فرص متكافئة له في المجتمع مع أقرانه الطبيعيين, وكلما تم الكشف عن الإعاقة بعمر مبكر كلما كان التطور أجدى. التعاون بين الأهل والمدرسة التعاون بين الأهل والمدرسة يعد عاملا مهما وأساسيا في مساعدة الطفل منذ بداية حياته المدرسية, وتفهم المدرسة لمشكلته, وكلما كانت قدرة الأهل على مواجهة المشكلة وقبول الواقع أكبر, كانت فرصتهم في النجاح أكبر , وفي اختيار البرامج المناسبة لطفلهم وإعداده لدخول المدرسة ومساعدة القائمين على العمل التربوي فيها, ويعد التعاون بين ذوي الطفل (عائلة- أسرة- أهل) ذي الاحتياجات الخاصة وبين المدرسة هو الأساس الأول لتقدم الطفل حيث يمثل البيت والمدرسة مؤسسة تربوية في غاية الأهمية, تتوحد أهدافها في تأهيل الطفل وتعليمه وتربيته بأسلوب سليم يؤدي إلى نمو شخصيته وتكاملها من النواحي النفسية والاجتماعية والثقافية حتى يمكن دمجه في المجتمع ومساعدته على حياة سليمة, وتزداد أهمية التعاون بين المدرسة والبيت في تقبل الأهل وضع طفلهم وتفهمه وإدراك أنه باستطاعتهم أن يساعدوه, كما أن اللقاءات المتكررة بين الأولياء والمعلمين والتي تهدف إلى مناقشة الأمور التي تتعلق بسلوك الطفل والأمور التي تحدث في المنزل والتي يجب أن لا تخفى على المعلم توصل إلى فهم أعمق لأفضل أساليب التعامل مع الطفل سواء في المدرسة أم في المنزل. وأخيرا من المهم أن يلتحق الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة جميعهم بالمدرسة فهم بحاجة إلى التعلم والتعليم كي يحققوا الحصول على قدر من العلم يساعدهم ويدفعهم نحو حياة مستقلة وفاعلة , وتنمية عقولهم وتعلم أشياء عن العالم المحيط بهم وتنمية القدرات وتطويرها لديهم, وتكوين الصداقات وتقوية الشعور بالانتماء إلى الجماعة وقبول القواعد وتحمل المسؤولية وهنا مسؤوليتنا جميعا. |
|