|
ثقافة ففي لوحاته الجديدة يدمج ما بين اشارات البنى المعمارية والمناخات اللونية العفوية ليصل من خلالها الى نفحة تشكيلية غنائية تتجاوز المعطيات السياحية الرتيبة , التي غرقت بها العديد من المعارض الفنية الاستهلاكية والتجارية التي تقام عندنا . فاللوحة هنا مفتوحة في اجوائها ومظاهرها وتكاوين عناصرها على مرايا الذاكرة او على علاقة غير مباشرة مستمدة من الاشكال المعمارية المنطبعة في المخيلة والمترسخة في الوجدان رغم كل الغربة التي نعيشها بعد سيطرة التأثيرات المعمارية الحديثة على روح المدينة. انفعالات لونية على الصعيد التشكيلي والتقني تتفاوت لوحات المعرض ما بين التعبيرية والتجريد اللوني في التأليف والتنفيذ معا فاللوحة تحمل في احيان كثيرة ايقاعات اللون العفوي واللمسة المتحررة والملمس الخشن لسطوح الالوان الموضوعة بكثافة لافتة عبر اتباع اسلوب الرسم بالمشحف للوصول الى حالة توفيقية بين التعبيرية التجريدية وبين المدى الواقعي المقروء او الملموس في القسم العلوي من اللوحة او في فسحة السماء وحركة الغيوم . ضمن هذا السياق تتوضح الدلالة التعبيرية في تشكيل اللوحة عند سليمان العلي عبر عنصرين اساسيين هما: تصوير السماء والغيوم في المشهد المعماري او الطبيعي بطريقة استخدام الريشة والجنوح في هذا القسم من اللوحة نحو الشفافية والشاعرية. صياغة ما تبقى من مساحة اللوحة باعتماد الكثافة اللونية التي تتفاوت في سماكاتها وتتمثل في القدرة على تجسيد الاحاسيس الداخلية بالتعبير اللوني الذي يبدو اكثر اتجاها نحو الاجواء التجريدية . ونتساءل لدى استعراضنا لهذه الاعمال عن مدى الجهد الذي قدمه للوصول الى ايقاعات جديدة مغايرة لما طرحه في معرضه ا لسابق فنجد ان الاضافات اللونية اتسمت هذه المرة بشيء من الانفعالية الزائدة احيانا لجهة وضع اللون ورسم الخطوط بحفر طبقة اللون احيانا اخرى. تزخيم التعبير هكذا نجده يتدرج من الوضعية الشاعرية والرومانسية التي كانت سائدة في بعض اعماله السابقة الى الاجواء اللونية الصارخة الحاملة مسحة فنية خاصة تتفق والانفعالات اللونية التي تدفعه الى صياغة تجريدية خالصة كما هي الحال في لوحة او اكثر شاهدناها في هذا المعرض . غير ان تزخيم التعبير باتجاه التجريداللوني يجعلنا نقف امام تحولات جديدة تؤكد البحث والتجريد والاختبار فهو في هذه المرحلة ينقل عفويته وانفعاليته السريعة بلمسات او بضربات كثيفة تطرح بعض القيم الجمالية الوثيقة الصلة بتأملات الفنون الحديثة والمعاصرة لذا نجده يغامر مع اللمسة العفوية للوصول الى ابعاد تشكيلية متحررة تجسد الاحاسيس الاكثر انفعالية اوالتي تشكل عودة الى حيوية وايقاعية وعفوية اللمسة وكثافة اللون والمناخ التعبيري - التجريدي. |
|