تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كريس جينز في مؤلف جديد...المحافظون الجدد فاشيون!

عن لوس أنجلوس تايمز
شؤون سياسية
الأحد 18/2/2007
ترجمة وقراءة:حكمت فاكه

كثيرة هي الدراسات والمقالات التي قرأناها خلال الأعوام الستة الماضية عن تزايد تأثير الدين على الحياة السياسية الأميركية,

وعن تنامي التداخل ومحو الحدود الفاصلة ما بين الدولة والكنيسة في السياسات الأميركية. فهناك الكثير من المحللين السياسيين داخل أميركا وخارجها, أمثال - وليام فاف -وبول كنيدي - الذين حذروا من اتجاه سياسات بوش تجاه ما سموه بالدولة الثيوقراطية الأميركية (أي الدولة الخاضعة لحكم رجال الدين) وهي ظاهرة جديدة على الدستور والتاريخ الأميركي كله.‏

لقد استندت تلك المقالات والدراسات والتحليلات في أغلبها على انتقاد فكر وايديولوجية المحافظين الجدد - المسيطرين على مفاصل وسياسات وقرارات الإدارة الحالية - بكل ما عرف عنهم من يمينية وتطرف دينيين. كما استندت أيضاً على تصريحات وبيانات بذاتها صدرت عن الرئيس يبوش عندما أعلن عن حربه العالمية على الارهاب في أواخر عام ,2001 واصفاً تلك الحرب بأنها تكليف إلهي, إضافة إلى إشاراته العديدة للرب وللمفردات الدينية في أكثر من خطاب ألقاه عن حالة الاتحاد خلال السنوات الست الماضية من ولايته, وغيرها من المناسبات الأخرى. وبلغت هذه الانتقادات ذروتها في كتابين رئيسيين, أحدهما (الفاشيون الأميركيون ) والذي نعرضه اليوم ونلقي بعض الأضواء العامة على أفكاره الرئيسة. والكتاب الثاني يرتبط به أشد الارتباط وهو (الثيوقراطية الأميركية ) ويتحدث عن (المخاطر وسياسات التدين الراديكالي والنفط والقروض المالية في القرن الحادي والعشرين) وهو من تأليف -كيفين فليبس-‏

يبدأ مؤلف كتاب (الفاشيون الأميركيون) اليمين المسيحي والحرب على أميركا) كريتس هيد جينر -وهو مراسل صحفي سابق لصحيفة (نيويورك تايمز ) وخريج كلية دراسات الأديان واللاهوت التابعة لجامعة هارفادر,أطروحته في نقد ما أسماه (الفاشيون الأميركيون) بمناقشة مغزى وهدف العبارة التالية:( الحرب هي القوة التي تضفي معنى كونياً على وجودنا) وهي فكرة محورية كما نعلم في الفكر الفاشي, تعود جذورها الفلسفية, ليس إلى الخطب النارية الغوغائية للقائد الفاشي - موسوليني - والتي ألقاها أيام حمى انشغاله ببناء الحزب الفاشي, ومشاركته في التحضير لمسرح أحداث الحرب العالمية الثانية, وإنما إلى فلسفة كل من - شوبنهاور - ونيتشه - اللذين مجدا القوة وأدخلا فكرة (السوبرمان ) إلى التراث الفلسفي للقرن العشرين.‏

تلك هي طبيعة الفكر الأصولي دائماً, لكونه يفترض لنفسه امتلاك الحقيقة المطلقة والصحة الوحيدة التي لايطولها الشك ولا الباطل, لكل ما يصدر عنه من أفكار ومواقف وممارسات. برأي المؤلف إن هذا التيار يستمد قوته الرئيسة من القاعدة الانجيلية العريضة المنتشرة بين شرائح المجتمع الأميركي. أما من الناحية الفكرية فهو يعتمد بدرجة أساسية على النسخة المتشددة المتطرفة من التراث اللاهوتي الكالفيني (نسبة إلى المصلح الديني كالفن).‏

وقد شملت دراسة المؤلف ممثلين قدامى ومعاصرين لهذا التيار, أما الموقف الرئيسي الذي يعبر عنه حملة الفكر الفاشي الأميركي الجديد فهو التشدد والمغالاة في النزعة الوطنية.وكذلك في الدعوة إلى الهيمنة والأحادية الاميركية. وعلى الصعيد العملي, فإن الوسيلة المؤدية إلى تحقيق هذه الغايات هي استخدام القوة المفرطة تماماً مثلما روج لها - شوبنهاور - وكما مارسها - موسوليني - وغيره من قادة الفاشية في القرن العشرين. وتكتمل هذه الفكرة بمختلف جوانبها, في الدعوة الصريحة لأنصار هذا التيار, إلى بلوغ أوج السلطة التامة المطلقة, في ظل دولة دينية عصرية ومن هنا يرى المؤلف أن تسامح المجتمع الاميركي مع هذا التيار الأصولي المتشدد, إنما هو ضرب من السلوك المثالي الانتحاري لا أكثر, كون التيار المذكور, يهدد الجوهر واللبنات الأساسية التي تقوم عليها حرية المجتمع الأميركي, وما عرف عنه من انفتاح وليبرالية وديمقراطية. وفي الجزء الأخير, يكشف لنا المؤلف عن السبب الذي دعاه إلى وصف الأصوليين اليمينيين بأنهم خطر لا يقل عن شن الحرب على أميركا, طالما أنهم يهددون مجمل القيم الأميركية واللبنات السياسية التي قامت عليها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية