تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يا أميي الوطن العربي لا تتعلموا..!

شؤون سياسية
الأحد 18/2/2007
جاد الله قدور*

لم تكن الكتابة مهنتي يوماً ولا حتى القراءة, ولم أكن يوماً من مشاهدي التلفاز ولست ممن يستمعون للاذاعة,

وبصراحة تامة كنت أمياً لجهة التعليم,وغير مثقف لجهة السياسة. فقط ثمة أشياء ومفردات بسيطة للغاية كنت أعرفها وأؤمن بها, وهي تلك التي تعلمتها من أستاذي الوالد رحمه الله ومدرستي (المضافة).‏

أما السياسة التي كنت أؤمن بها فهي بسيطة أيضاً تتلخص بمجموعة قيم ومبادئ أصبح معتقدي وهي أنني من أمة عربية أنجبت محمداً وعيسى عليهما الصلاة والسلام,وإنها نشرت رايات العلم, والعدل والسلام في أرجاء العالم, وأن لي وطناً محتلاً اسمه فلسطين تم اغتصابه نتيجة تحالف قوى عالمية شريرة,ولا مجال لاسترجاعه إلا بوحدة هذه الأمة العربية,وثمة نفر كانت (مضافة والدي)تزدهر بهم وهم نخبة من رجالات السياسة والوطنية لم أكن أجد فرقاً بين أميتي وثقافتهم فإيماننا واحد وغاياتنا واحدة,كما أن حواراتهم واضحة ورؤيتهم للمستقبل جلية منيرة, كلامهم لا يحتاج الى ترجمة,ثوابتهم الوحدة والحرية والاشتراكية,وسلوكهم يدل على الكرم والشجاعة والشهامة.‏

وما عزز ايماني ذلك أن هنالك قوى شريفة في العالم تقف الى جانبنا وتشد من أزرنا حيث استضافت (مضافة والدي) رموز عدم الانحياز جمال عبد الناصر- جوزيف بروز تيتو- جواهر لال نهرو- والامام البدر أمير اليمن,هكذا نشأت وبعد أن تفهمت آمنت واعتقدت.‏

كنت صغيراً أحفظ عن ظهر قلب وطني حبيبي الوطن الأكبر- بلاد العرب أوطاني وكنت شغوفاً لقراءة نهج البلاغة للامام علي كرم الله وجهه وخاصة خطبة الجهاد ورأس المال لكارل ماركس واستعدادي للموت على مذبح الوحدة العربية الكبرى لا يقل عن استعداد السوريين القوميين للموت على مذبح وحدة الأمة السورية.‏

وكبرت مع الأيام وكبر معي الايمان لم تكن لتؤلمني صفعة الانفصال, ولا حتى هزيمة حزيران 1967 لأن إيماني كان أكبر وبأن يوم النصر آت لا محالة, بل كان يؤلمني تنظير بعض المثقفين وتحليلاتهم والتبرير لما كان عليه الحال وكأنهم دعاة للانفصال وللهزيمة, وكانت برقة الأمل في تشرين 1973 لأسترد الصفعة وأرد على بعض المثقفين الذين خبا صوتهم لحين,واعتقدت أن أميتي وفهمي البسيط للأشياء أقوى من ثقافة بعضهم .‏

وكثرت المؤتمرات وكثرت المؤامرات, وكثرت الدعوات للوحدة والاتحاد,وكثرت المحاور والمناورات للتجزئة وللتفرقة, وازداد التكالب الاستعماري على أمتنا وكثرت الخلافات الرسمية العربية .‏

وبعد أن احبطت الجماهير في كافة أرجاء وطننا ودب بها اليأس, جاءت بداية نصر الله والفتح على يد المقاومة العربية في لبنان لتهزم العقل الصهيوني وآلته,ولتربك الوحش الأميركي في العراق وتشد على يد المقاومة.‏

وفي الوقت الذي كنت فيه مع كل الأميين وشرفاء المثقفين في وطني نتأهب لنشارك بدورنا وفي أي ساحة يدعونا إليها الواجب لنكمل مسيرة الفتح والنصر كان ثمة مثقفون جدد يعتلون المنابر ويحتلون الشاشات ويملكون ذات إيمان المحافظين الجدد يدعوني لمقاومة المقاومة,وينظرون للخيانة ويبررون الاحتلال للقتل والذبح ويمسكون قرآن محمد وإنجيل عيسى ويزورون آياتهما العربية ويترجمونها دعوات للطائفية والمذهبية ليقنعوا بذلك أشباههم من بعض المثقفين الخونة.‏

فيا أشقائي الأميين في فلسطين, في العراق,في لبنان,في السودان في الصومال حذار أن تتعلموا,وامنعوا أطفالكم من الانتساب لمدارس بعض المثقفين.افقؤوا عيونكم,صموا آذانكم فإنها ريح صرصر تحاول اقتلاعكم,حافظوا على بصيرتكم وعضوا بنواجذكم على قرآنكم وإنجيلكم.‏

وهنيئاً لكم أنكم لم تسمعوا ولم تشاهدوا اليوم بعض مثقفي العمالة ورموزها على شاشات الفضائيات وهم ينظرون للهزيمة وللفتنة وقد نزعوا كل أقنعتهم فبدت عوراتهم قذرة تقبح وجه التاريخ.‏

أهلي وعشيرتي أميي هذا الوطن لا تتعلموا النحو والصرف, فالصرف عند بعض المثقفين هو صرف الدولار والنحو هو التوجه نحو البيت الأبيض والكنيست.‏

وليكن نحوكم هو أن تؤموا وجوهكم نحو الوطن, والصرف هو صرف الأعداء والخونة من فوق تراب وطنكم.‏

فبإيمانكم وأميتكم التي تتشرفون بها أسوة بأمية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وثقافة المقاومة والصمود التي تنتهجها سورية بقيادة الأمل القائد بشار الأسد سننتصر على مثقفي الخيانة والفتنة, فأنتم خشبة الخلاص لإعادة كرامتنا واسترجاع ما اغتصب من أرضنا.‏

* عضو مجلس الشعب‏

عضو المكتب السياسي لحركة الاشتراكيين العرب‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية