|
معاً على الطريق هل يمكن للمسألة اللبنانية أن تكون جزءا أساسيا مكونا للاستراتيجية السورية? وقبل الاجابة عن هذا السؤال الشائك لا بد أولاً من التفريق اصطلاحيا بين ثلاث مفردات هي: 1-القضية 2-المسألة 3-المشكلة. وعليه فإن القضية تحمل طابعا أخلاقيا وحقوقيا يقتضي نوعا من تحقيق الانصاف تجاه أنواع من التعدي أو الحيف أو الظلم والتي تقتضي أيضا أشكالا من الدعم والمناصرة النضالية بما فيها السعي لإجراء محاكمات قانونية أو دولية أو إنسانية لإحقاق الحق, أما المسألة فهي شأن إشكالي يقتضي نوعا من المناقشات أو السجالات التي تتميز غالبيتها بالمماحكات والتجاذبات, وأما المشكلة فهي جزء من المسألة. وعليه فإننا نقول اصطلاحا القضية الفلسطينية ولا نقول المسألة الفلسطينية مع أن العديد من المشبوهين والمدسوسين يجهدون الى تحويل القضية الفلسطينية الى نوع من المسألة, ونقول المسألة البلقانية والقبرصية والعراقية واللبنانية ولا نقول القضية في هذا المقام مع أن العديد من المغرضين يجهدون أيضا الى تحويل بعض هذه المسائل الى قضايا والدليل على هذا الفرق أننا نقول البلقنة والقبرصة والعرقنة واللبننة ولا نقول الفلسطنة, أما المشكلة فتقتصر في غالبيتها على مسائل جانبية مثل مسائل الحدود. أحد أخطر جوانب المسألة اللبنانية بالنسبة للاستراتيجية السورية هو مسألة التحريض والتعدي والسعي الى تعريض أمن سورية للخطر, فمع أن ثمة اتفاقا معلنا مع السنيورة منذ زيارته الأخيرة لدمشق بأن لا يكون لبنان مقرا أو ممراً لزعزعة النظام في سورية لكن ثمة العديد من القرائن الفاضحة التي تشير علناً الى السعي لتحقيق هذا الهدف, ومع أن الذي يعلن ذلك صراحة هو صعلوك اتفاقاً لكن عدم الشجب أو الاستنكار العلني لخيمة كراكوز التي يغني كل من شوائبها على ليلاه والتي تسمى 14 شباط أو آذار لمثل هذا الكلام يشكل نوعا من الإدانة الكاملة لها, الأمر الذي بات يستوجب قطعا موقفا شعبيا سورياً جازماً وحازماً من كافة شراذمها . ما أخشى منه تحديداً هو أن يتحول الشقاق السياسي الرسمي بين البلدين الى شقاق شعبي فما أحسه وأستشعر خطورته شخصيا من ضمن مختلف الشرائح الشعبية التي تحيط بي على مختلف تنوع انتماءاتها السياسية والمذهبية والطائفية والاجتماعية هو نوع من السخط العارم, وإذا كان بالامكان ضبط الأمور على الصعيد الرسمي فإنه من العسير أو المستحيل ضبط الأمور إذا ما انفجرت على الصعيد الشعبي. المشكلة القائمة مع الحثالة التي اسمها 14 آذار هو حالة التردي العام فلا أحد يصدق أن تنحدر الأمور الى هذا الدرك خلال جيل أو جيلين, وبصرف النظر عن تقييمنا لمجمل الشخصيات التي مرت على تاريخ لبنان فهل يمكن مقارنة بيير الجميل بابنيه أمين وبشير وحفيده بيير أو مقارنة كميل شمعون بابنه دوري أو ريمون إده بوريثه كارلوس أو رينيه معوض بابنه ميشيل أو كمال جنبلاط بابنه وليد أو رفيق الحريري بابنه سعد. المشكلة الجوهرية تتلخص بانعدام الحياء وبتحول الأمور من المستور إلى المكشوف في هذا الكباريه السياسي المنحط حيث صارت العمالة (على عينك يا تاجر) فبعد الخطاب المفحم للمظفر حسن نصر الله يجتمع الرقيع الصفيق الساقط النذل المنحط المسف المبتذل الوضيع المتهتك الموتور المقزز المجعجع المدعي المتشدق القزم القميء المرتزق الزعوري الحشاش مع فيلتمان إضافة إلى زوجتيهما في سهرة حميمية خافتة الأضواء جرى فيها تبادل الآراء وأشياء أخرى لمدة ساعتين من دون أن يأبه لكلمة واحدة لما قاله عميد الأسرى سمير القنطار عن نذالته المكشوفة. حين كتبت سلسلة مقالاتي التي حملت عنوان قطع الحبل السري لم أكن أقصد إطلاقاً قطع الحبل السري مع لبنان أو مع الشعب اللبناني فبيروت تبقى في الحشا والروح ومسرى الدم بالنسبة للسوريين كافة ولجيلي بشكل خاص, لكنني كنت أقصد دفع البلاء عن أنفسنا من هذه الحثالة التي تتحالف مع العدو ضد المقاومة والتي تعلن الإخصاء الذاتي لكافة أشكال الكرامة والنضال والممانعة والتي وصل بها الأمر إلى حد مصادرة أسلحة المقاومة أثناء تصديها لعدو جميع العرب والمسلمين وللقوى الشريفة, وما زلت أصر على قطع الحبل السري مع كافة أشكال تلك الحثالة. |
|