تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الدرس في كلمتين!

خارج السرب
الأحد 18/2/2007
عبد القادر حصرية

تم في الاسبوع الماضي عقد اجتماع لتتبع تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي.

ان ملف التعليم عامة والتعليم العالي خاصة هو من اهم ملفات الاصلاح الاقتصادي واخشى ان هناك تأخيرا كبيرا قد حصل في التعامل مع هذا الملف فلا يمكن الحديث عن اصلاح اقتصادي دون وجود جيل من الخريجين القادرين على التعامل مع الاصلاح وكل برامج الاصلاح الكبيرة في العالم شملت التعليم وبدات باعداد مجموعة كبيرة من المتعلمين والمؤهلين تأهيلا عاليا قادرين على تنفيذ الرؤية الجديدة التي يرمي اليها الاصلاح والعمل في الجهات التي لها اهمية مفصلية في عملية الاصلاح الاقتصادي بل في بعض الدول سبق اعداد الكوادر بداية الاصلاح.‏

تظهر ايضا الكثير من الدراسات في عالم الأعمال في العالم ان الموارد البشرية هي العامل الأهم في نجاح أي مؤسسة بل حتى يؤخذ على علم المحاسبة حتى الان عدم قدرته على اظهار قيمة الموارد البشرية التي تعمل في المؤسسة في بياناتها المالية. وعملية اعداد الكوادر البشرية هي عملية طويلة تبدأ اولا في المدرسة الابتدائية او ما يعرف اليوم بمرحلة التعليم الاساسي بعد ان اضيف لها مرحلة التعليم الاعدادي بعدها مرحلة التعليم الثانوي ثم مرحلة التعليم الجامعي. والواقع ان التعليم في بلدنا بحاجة ماسة الى تحقيق قفزة نوعية ولابد من ان يتناول ملف تطويره وقبل كل شيء مهنة التعليم بحد ذاتها. فالتعليم هو مهنة وليس فرصة عمل job والفرق واضح بين الاثنتين فالمهنة هي عبارة عن علم او مجموعة من العلوم يتم تطبيقها وفق اصول ومعايير معنية standardsوهناك معايير اخلاقية ومهنية تحكم اداء هذه المهنة. والحالة التي وصل اليها وضع التعليم لدينا هي نتيجة تراكمات ساهمت فيها عدة عوامل ولا انسى قصة احد اساتذة اللغة العربية الذي كان يبيع دواوين شعره للتلاميذ ويقول في بداية كل درس ان( الدرس سيكون في كلمتين) وان هذا ما يعادل ما تدفعه وزارة التربية له مقابل التدريس.‏

ان اهم عوامل القصور هو تحول التعليم من مهنة الى وظيفة وكدليل على غياب المعايير المهنية لدى البعض هو الدروس الخصوصية والتي يشوبها في احيان كثيرة مايعرف بتضارب مصالح conflict of interest او شبهة تسرب اسئلة الامتحان وهو ما لاتقبل به اي مهنة فيها الحد الادنى من المعايير. ما لا يمكن فهمه هو كيف يمكن لاستاذ ان يعطي دروسا خصوصية بعد الدوام المدرسي لنفس الطلاب الذين يدرسهم في النهار. هذه العملية خطرة جدا فهنا ينشأ تضارب مصالح فكلما كان اداء الاستاذ سيئا في الصف وعدد التلاميذ الذين لا يفهمون اكبر كلما زادت امكانية الاستاذ للحصول على فرص دروس خصوصية.‏

هذا ناهيك عن ان الدروس الخصوصية تفوق طاقة الكثير من الاهل. ما نسمعه اليوم هو ان ظاهرة الدروس الخصوصية بدأت تتسرب حتى الى المدارس الخاصة.‏

تخيلوا ان الاهل يدفعون اقساط المدارس الخاصة ثم يضطرون الى دفع قيمة الدروس الخاصة.‏

نتمنى ان تتم معالجة ملف التعليم بكافة مراحله بالعناية التي يستحقها هذا الملف ضمن اهداف العملية التعليمية وعملية الاصلاح الاقتصادي عامة والمطلوب العمل على تطوير مهنة التعليم اولا بما يمكن العاملين فيها من القيام بمسؤولياتهم وكذلك تحسين ظروف عمل هؤلاء واشدد على اهمية كافة مراحل التعليم ولا سيما المرحلة الابتدائية التي هي بأهمية التعليم العالي.‏

*خبير مالي ومصرفي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية