تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المحاولة الانقلابية في تركيا.. الاتجاه لتعديل الدستور

أضواء
الخميس 4-3-2010م
منهل ابراهيم

لا تزال قضية المحاولة الانقلابية التي تورط فيها ضباط كبار في الجيش تتوالى فصولها في تركيا التي تعيش بحسب مراقبين مخاضا سياسيا ودستوريا كبيرا

قد يسفر في النهاية عن اعادة تعريف الجمهورية التركية وتخليصها من الشوائب التي علقت بتجربتها الديمقراطية خاصة ما يتعلق بالعلاقة بين الجيش والحكومة.‏

وتعود جذور المحاولة الانقلابية التي خطط لها اكثر من30 ضابطاً في الجيش بينهم جنرالان متقاعدان للعام 2003، حيث وجهت التهمة الى 35 ضابطا في الخدمة واثنين متقاعدين سجنوا في الايام الاخيرة لاشتراكهم المفترض في خطة «المطرقة الثقيلة» التي كانت تستهدف كما يقول القضاء نشر الفوضى في تركيا وتوفير الظروف المؤاتية لاطاحة الحكومة من قبل الجيش الذي أطاح حتى الآن بأربع حكومات منذ 1960، ويعتبر نفسه الضامن للنظام العلماني .‏

وقد لوحق عشرات العسكريين حتى الان في اطار تحقيق آخر بدأ في 2007 ويشمل شبكة ارغاكون المتهمة هي ايضا بأنها كانت تريد تنفيذ اعتداءات لتشجيع الجيش على التدخل.‏

ووجه المدعي العام التركي الاتهام لقائد الجيش التركي الثالث الجنرال سالدير بيرك وايهان جيهاينر ممثل الادعاء العام بمدينة ارزنجان شرقي البلاد، واتهم بيرك بإعداد بيان يحث الجيش على اسقاط حكومة اردوغان عام 2003 ضمن مايعرف بتنظيم أرغاكون .‏

وبين الضباط الموقوفين انجين الان القائد السابق للقوات الخاصة والجنرال المتقاعد جتين دوغان القائد السابق للجيش الاول المتمركز في اسطنبول والذي يشتبه بأنه مدبر الخطة الانقلابية التي اعدت عام 2003 بعيد تولي حزب العدالة والتنمية السلطة.‏

وكانت صحيفة «طرف» الليبرالية اول من كشف معلومات عن هذه الخطة وعرضت الصحيفة بشكل مفصل مخططات تهدف الى تنفيذ اعتداءات بالقنابل ضد مساجد لدفع الاوساط الاسلامية الى التظاهر بعنف واسقاط مقاتلة تركية اثناء اشتباك مفتعل مع الطيران اليوناني لزيادة التوتر بين البلدين.‏

ويرى مراقبون ان اعتقال عشرات الضباط متهمين بالتورط في المحاولة الانقلابية خلخل من موقع الحصانة التي كان يتمتع بها الجيش وأدى لحالة من التوتر مع الحكومة ودفع الاحزاب الرئيسية للتوافق على ضرورة انسحاب الجيش من المسرح السياسي. ولكن رغم ذلك، من غير المتوقع أن يقدم الجيش على تحدي الحكومة بقيادة حزب العدالة والتنمية الذي يحظى بأغلبية كبيرة في البرلمان.‏

وفي رده على بعض احزاب المعارضة، اكد رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان ان ما يجري ليس انتقاما سياسيا، بل مساءلة لمن ارادوا الانتقام من الديمقراطية.‏

وعقب اجتماع ضم الرئيس التركي عبدالله غل ورئيس الحكومة اردوغان ورئيس اركان الجيش الجنرال ايلكر باشبوغ ، اكدت السلطة السياسية انها تريد حلا دستوريا للخلاف. على قاعدة ان لا احد فوق القانون. وهو ما أكد عليه ايضا رئيس الاركان معتبرا ان كل المواطنين سواء امام القانون. وقال في مقابلة نشرتها صحيفة «حرييت» ان وجد افراد ارتكبوا اخطاء في مؤسساتنا (العسكرية) فينبغي نفيهم منها. واكد غول ان «تركيا ستتجاوز الازمة بالكامل مشيرا الى ان الهدف الرئيسي للديموقراطية التركية هو احترام المعايير الاوروبية.‏

ورحبت الاوساط الليبرالية والمؤيدة للحكومة بهذه التحقيقات التي ترى فيها تقدما غير مسبوق في السعي الى اقامة دولة القانون.‏

جديربالذكر أن رئاسة الاركان العسكرية في تركيا لا ترتبط بوزارة الدفاع، بل برئيس الوزراء. والجيش التركي هو الجيش الوحيد بين الدول الغربية الذي احتفظ بصلاحيات مهمة حتى 2003 عندما قلص البرلمان الدور السياسي للعسكريين تماشيا مع المعايير الاوروبية،غير انه ما زال يشارك في تحديد السياسات الخارجية من خلال مجلس الامن القومي. حتى وان كان دوره في هذا المجلس اقل مما كان عليه قبل 2003.‏

وفي خضم هذه الازمة أعلن اردوغان ان حزب العدالة والتنمية ينوي عرض تعديلات دستورية على البرلمان قبل نهاية آذار المقبل تجعل بلاده اقرب الى المعايير الاوروبية بالنسبة لمفهوم الديمقراطية مشيرا الى ان المقصود ليس اعادة نظر كاملة بالدستور بل تعديل بعض مواده خصوصا تلك المتعلقة بطريقة حظر الاحزاب وعمل القضاء.‏

وتم وضع الدستور الحالي في اعقاب انقلاب عسكري العام 1980. ودخل حيز التنفيذ بعد إقراره في استفتاء شعبي العام 1982، وكثيرا ما تعرض لانتقادات داخلية وخارجية .‏

وتم ادخال تعديلات اساسية على الدستور خصوصا ما بين 2001 و2004 كي تستوفي تركيا الشروط اللازمة لفتح مفاوضات الانضمام الى الاتحاد الاوروبي .‏

وكان حزب العدالة والتنمية جعل من تعديل الدستور نقطة اساسية في برنامجه الانتخابي الذي فاز على اساسه في الانتخابات التشريعية عام 2007 .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية