|
الأربعاء 23-10-2013 وتناثرت الأضرحة على مد التراب وتيبست الدموع في العيون ودقت نواقيس الحزن في مدن كانت ملعباً للفرح وفي قرى كانت مؤئلاً للطمأنينة والخيال، وعلى امتداد الأفق لا يرى السوريون منفذاً قريباً للأمل، إلا من خلال يقينهم بأنهم ولدوا في وطن يستعصي على الزوال، وأن كربهم القاسي هو امتحان لصلابتهم وجوهرهم الذي صمد على مدى القرون الطويلة وأثبتت جلادتهم بالحياة مهما صادفتهم من أهوال ومهما تكالب عليهم الحقد والطمع من القريب والبعيد ومن العدو والشقيق. عيد السوريين الذي انقضى اختصرته رسائلهم إلى الكون بأن صبرهم أطول مما اعتقد أعداؤهم وأن إيمانهم يعصمهم من السقوط مهما ازداد عدد شهدائهم وضحاياهم وأن غزاتهم القادمين إليهم من كل فجاج الأرض سوف لن يجدوا لهم موطئ قدم على امتداد التراب السوري ليستقروا عليه، لأنه تراب مقدس معجون بعبق دماء مئات الآلاف من الشهداء الذين قاوموا في كل حقب التاريخ وانتصروا على غزاتهم، فمنذ نشأة البشر والسوريون يتداولون جيلاً بعد جيل ملاحم النصر، ومنذ تشكلت معادلات التحدي والسوريون يقبلون التحدي ويفوزون في كل الأزمنة فلا يبخلون بالتضحية ولاتزل أقدامهم في معارك المصير ولا يفسحون في أفقهم لراية ترتفع فوق رايتهم ولا لقرار يكسر قرارهم لأنهم يملكون إرادتهم ويثقون بمعدنهم، فلا يقاتلون إلا تحت راية الحق، ولا يتركون للباطل سبيلاً للتغلب عليهم فمن علمهم وحضارتهم اهتدى الآخرون إلى العلم وبنوا الحضارات ومن سيرهم في الخلق واعتناق المبادئ وتعرف الآخرون على معاني الأخلاق وسمو المبادئ. صادرت الحرب فرحة السوريين بعيد تعودوا على طقوسه على مدى تاريخهم لكنها لم تستطع أن تصادر ثباتهم وصمودهم في تحدٍ فرض عليهم فوجدوا أنفسهم في معركة فاصلة بين منتجات ظلامية خارجة من كهوف التاريخ لتطغى منارات الحضارة وشعب متنور أخذ على عاتقه أن يهزم الظلام ويفتح لأمته طريق العبور إلى الخلاص والنهضة بعد عقود من الغفلة والضياع كاد العرب يخسرون فيها حاضرهم ومستقبلهم، معركة فاصلة بين قوى الهيمنة وأدواتها من محترفي الإرهاب والمرتزقة، وقوى التحرر التي تمسك بيمينها قناديل الضوء الكاشفة لزمن عربي قادم تسقط فيه قوى الهيمنة ويندحر الإرهاب ورموزه وممولوه مرة واحدة إلى الأبد، فالسوريون إذاً أجلوا أفراحهم ويستبدلوا طقوس عيدهم للمرة الثالثة هذه السنة بالصلاة لمواكب الجنود الذاهبين إلى امتحان الحرب بقلوب مطمئنة وهمم عالية وعزائم كالفولاذ، وفي صبيحة الأضحي اصطحب السوريون باقات الورد إلى أضرحة الشهداء الذين افتدوا هذا التراب وسقوه من دمائهم ونذروا دعاؤهم للأرواح التي صعدت إلى السماء على أجنحة الشهادة وللأرواح الباقية التي مازالت تعانق الحياة وتدافع عنهخا في كل المواقع فلا خوف على السوريين في كربهم لأن قلوبهم أقوى من جمره ولا خيار أمامهم سوى النصر لأنه العلامة الكبرى في تاريخهم وسيبقى إلى الأبد. |
|