تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ومع ذلك .. يتذوقون سمها !!

البقعة الساخنة
الأربعاء 23-10-2013
خالد الأشهب

الطبع الذي يغلب على التطبع هو ما يدفع الأفعى عادة إلى التهام ذيلها , وهو أيضاً ما يتحول بالشركاء والحلفاء إلى أخوة أعداء يعض أحدهما الآخر فيؤلمه من حيث مأمنه ومن حيث لا يحتسب ,

خاصة عندما يكون الطبع ساماً بتكوينه ولو بدا ناصعاً في لونه !‏

ولعل ارتفاع معدلات السمية الرأسمالية التي تنضح بها أميركا اليوم كما العالم الأوروبي الغربي كله , والتي بلغت حدود التوحش وافتراس الآخر حتى لو كان شريكا أو حليفاً , هو ما يكشف تباعاً عن سقم الأنظمة الرأسمالية ووحشيتها , ويزيل رويداً رويداً كل أغطية السلوفان اللامعة التي حرصت هذه الأنظمة على الالتحاف بها وستر وحشيتها بالتماعاتها الخارجية القشرية , ليظهر اللب المريض والسم الزعاف كامناً في جوفها !‏

إذ وبعد ما أذهل ألمانيا من حقيقة التجسس الأميركي الرسمي على شبكات اتصالاتها , والتي كشف عنها عميل المخابرات الأميركية سنودن اللاجىء اليوم في روسيا , وبعدما انكشفت بعض وقائع التجسس الأميركي على دول أميركا اللاتينية , هاهم الفرنسيون اليوم قيادة وشعباً وقد أخذتهم الدهشة وخذلتهم الخيانة الموصوفة بما اكتشفوه من تجسس الحليف الأميركي على بلادهم , ولعلهم كأشقائهم الألمان ذهلوا أمام المستوى الوضيع للسلوك المخابراتي الأميركي الرسمي الذي ساوى بينهم , وهم من يفترض أنهم الحلفاء والأصدقاء والشركاء , وبين من تصنفهم أميركا أعداء لها وللغرب الأوروبي عامة .‏

على هذا المقياس والمستوى من علاقات التعاطي العدائية التي تقيمها أميركا مع أصدقائها وحلفائها وشركائها , يمكن للمرء أن يتكهن بالعلاقات التي تقيمها أميركا مع أعدائها وبمن ترى فيهم أعداء لها , ليصل بتكهناته إلى أن أميركا ربما , بل هو الأرجح, تكون عدوة لنفسها ولا ثقة لها بذاتها , وأن كل ما تظهره الإدارات الأميركية وما تروج له ماكيناتها الإعلامية الجبارة, من سلوفان الرقة والشفافية والحرص على الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان .. إنما هو زيف بزيف وسم مغطى بالعسل .‏

ليس هذا اكتشافاً جديداً لأميركا وسياساتها , بل هو إعادة اكتشاف لمن يعرفون هذه الحقيقة الأميركية السامة .. ومع ذلك يتذوقون سمها وينقلونه لمواجهة شعبهم ووطنهم .. كمدعي المعارضة السوريين مثلاً ؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية