|
معاً على الطريق فبعض الموظفين يكون على صداقة دائمة مع كل مدير يأتي.. وينسى هذه الصداقة مع كل مدير يذهب. لكن.. الموظف الشاطر هو الذي يسمع كلام مديره ويوافق على كل ما يطرحه دون أن يعارض أو يعترض على أي فكرة مهما كانت تافهة أو غير مجدية.. وربما من المهم الثناء على أفكار المدير النيرة.. وعلى الرؤية العميقة في طرحه لمشكلات الشركة أو الموظفين.. وهنا لا بد من التذكير بأن الموظف الشاطر لا يقترح الحلول.. المدير وحده يقترح الحلول.. والمدير وحده يعرف الصواب من الخطأ.. وفي حال أخطأ المدير فعليك عدم التنبيه لذلك.. وربما يكون الصمت أهم من التفوق بالعمل. والمديرون عموماً يكرهون المحاججة.. ولا يحبون الموظف الذكي ولا النقي كثيراً، وقد يفضلون الموظف البارد الأعصاب.. الفاتر الأفكار.. الذي يقبل بكل شيء ولا يفتح الملفات القديمة أو يذكّر بها. وحتى تكون من الموظفين الشاطرين وقريباً من مديرك, لا تنسى أن تنقل أخبار زملائك حرفياً إلى أذن المدير حتى ولو كانت أخباراً شخصية.. فالمدير هو رب العمل.. أي رب البيت ومن الضروري أن يعرف كل ما يدور في داخل هذا البيت وخارجه. وللعلم.. في كل مؤسسة أو إدارة لابد من وجود ما يسمى اجتماعات دورية تتحدث عن سير العمل.. وعن المشكلات الواجب حلها.. وهذا أمر طبيعي.. لكن الغير طبيعي أن تبدأ أنت الكلام أولاً.. أنصحك بالاستماع.. وعدم إثارة الأسئلة, فأنت لست في صالون أدبي تناقش قصيدة أو رواية لأنيسة عبود.. عليك أن تنصت.. وتهزّ رأسك بالموافقة.. وتبدي السعادة لأنك تسمع مديرك الفهيم العظيم الذي لولا فهمه ومعارفه الغزيرة والكثيرة ما كان مديراً، وما كان في موقع قيادي يتحمل إصدار قرارات مصيرية.. ولا تنسى أن تجامل نوابه.. وتعادي خصومه.. وإياك أن تتطرق لأي معرفة بمدير مديرك.. فستتهم بأنك تتجسس لمصلحة المدير الأكبر.. ليكن فمك صامتاً أبداً -لا تنق- ولا تحمل هموم غيرك أو هموم العمل فالمديرون وحدهم جديرون بحمل هذا الهمّ.. من هنا عليك التصفيق لكل كلمة يقولها مديرك.. وعليك أن تثني على كل قرار، ولولا أنه يعرف بالقرارات الصائبة ما كان صار مديراً. لا تصدق أن الواسطة تصنع مديراً أو وزيراً.. المديرون مثل الكتاب.. الموهبة هي التي تصنعهم ؟.. ولولا الموهبة لتساوى الناس.. وصار الجميع مديرين.. فاستغل أنت موهبتك.. ودبر أمورك مع مديرك الجديد.. مع أنك تراه غير جدير بهذا الكرسي، وغير لائق لهذا المنصب.. لكن عليك أن تقنع نفسك أنك أمام خيار وحيد .. إما أن تهلل له أو تصبح موظفاً مشاكساً, منبوذاً وعند ذلك ستحرم من كل الامتيازات المادية والمعنوية. إن الموظف الشاطر – في هذه المرحلة – على الأقل يترك ضميره في المنزل أحياناً.. وأحياناً يترك عقله ويحمل حقيبة السذاجة والعين المغلقة، بحيث لا يرى ولا يسمع ولا يشمّ.. يكفي أن يبتسم في الاجتماعات ويكون شعاره المدير أشطر الجميع.. والجميع أرقام.. والأرقام لا تنتج شيئاً، وبعض المديرين ليس مطلوباً منهم أن ينجزوا شيئاً، فالأمور ماشية (ماشية) هكذا إلى ما شاء الله. لا تظن بأنك ستكسب الزملاء إذا تحدثت عن ارتكاب ما.. أو طلبت حقاً من الحقوق لهم.. قد يجاملونك وأنت في دائرة مغلقة.. وهم يؤيدون كلامك ويعرفون أنك على حق.. لكن المدير سيدهم.. وهم أقرب إليه منك لأن عصاه الغليظة تمنعهم من الاصطفاف حتى إلى جانب حقوقهم.. لذلك ناضل منفرداً وطالب باسمك وحدك.. فالزملاء العمال لن يقفوا معك ولا مع أنفسهم.. تعلم من (الفيل يا ملك الزمان) للراحل سعد الله وَنّوس.. إنها مسرحية تصلح لكل زمان ولمعظم المديرين.. أنا أقصد مديري القطاع الخاص وليس مديري القطاع العام.. يعني لا أقصد المديرين الذين لم يحولوا مؤسسات الدولة إلى مؤسسات لهم ولعائلاتهم وأصحابهم.. ولا أقصد المديرين الذين شاخت كراسيهم ولم يشيخوا. أنا أقصد الموظف الشاطر الذي يعرف من أين تؤكل الكتف.. لأن هذا الزمن هو زمن الأكل.. ألم يأكلوا الأفئدة.. ويسلقوا أطفال اللاذقية.. ويشووا رؤوس الجنود السوريين؟. |
|