تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فرص رومني للفوز بالبيت الأبيض

 بقلم: مايكل جيرسون
واشنطن بوست
ترجمـــــــــــة
الاثنين 19-3-2012
ترجمة ريما الرفاعي

يعاني المرشحون من الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر أن تجري في تشرين الثاني المقبل من النظرة النمطية التي يراهن بها المجتمع الاميركي، ويجدون أنفسهم عاجزين عن التحرر من هذه النظرة التي تضعهم في خانة معينة.

وبهذا المعنى، فإن مرشحا مثل ريك سانتوريم لا يستطيع إخفاء هويته كمحافظ اجتماعي يعتقد أنه يمكن تطوير البلاد أخلاقياً وتنمية مبادئه وسلوكياته من خلال المواعظ والخطابات فقط .‏

والواقع انه من الممكن تصور مدرس في الثانوية العامة يخطب أمام الطلبة ويحثهم على حسن الأخلاق، لكن لا يمكن ان يكون الحال نفسه بالنسبة لمرشح رئاسي يسعى إلى إقناع شرائح واسعة من المجتمع بالتصويت على برنامجه الانتخابي.‏

كما أن المرشح الاخر ميت رومني، لم يتمكن من التصرف خارج حقيقة انه رجل غني للغاية ويملك ثروة طائلة. وليس غناه أمراً معيباً ما دام الأميركيون يتسامحون مع أصحاب الثروات الطائلة، لكنه يقع فريسة الصور النمطية التي ربما يسهم هو نفسه في نشرها وتكريسها. ورغم أن مشكلة رومني ليست في الطريقة التي جمع بها ثروته، حيث لا يوجد ما يلطخ سمعته في هذا الشأن، بل إن مشكلته سياسية بالدرجة الأولى، فهو يتحدث عن المال كما لو كان الأمر يسيراً، بحيث تتحول 374 ألف دولار يتقاضاها في الخطاب الواحد إلى مجرد مبلغ بسيط، إضافة إلى تصريحاته غير الموفقة مثل قوله إنه غير منشغل كثيراً بمصير الفقراء لأنهم يستفيدون من الإعانات الحكومية.‏

وإذا كان ارتكاب خطأ واحد قد لا يؤثر كثيرا على فرصه الانتخابية، فإن تصريحات عديدة في هذا السياق تخلق انطباعات سلبية حول رومني وتسهم في تكريس صورة الرجل الغني المنفصل تماما عن واقع أغلب الأميركيين. وأكثر من ذلك أن هذه الأخطاء التي يرتكبها رومني لا يقتصر ضررها على المرشح نفسه، بل ترسخ الصور النمطية المحيطة بالحزب الجمهوري بمجمله باعتباره حزب الأغنياء، وهي أخطاء تغطي من جهة اخرى، على بعض أهم نقاط الضعف لدى المعسكر الديمقراطي. ومن المعروف على سبيل المثال عدم التفاعل الإيجابي بين اوباما وطبقة العمال من البيض . وبعد أن تحدث أوباما بطريقة سلبية عن تلك الطبقة ووصف رجالها في المدن الأميركية الصغيرة بأنهم لا يعرفون شيئاً عدا «السلاح والدين»، فقد الكثير من أصواتهم في الانتخابات الرئاسية للعام 2008، بل إن الديمقراطيين واصلوا خسارتهم لهذه الشريحة في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس 2010 عندما خسروا 30 نقطة من شريحة العمال البيض.‏

واذا واصل الديمقراطيون هذا السلوك ، فقد يجني الجمهوريون، إن أحسنوا التصرف في الحملة الانتخابية الجارية، أصوات تلك الشريحة بسبب عدم التواصل التقليدي بينها وبين الديمقراطيين. لكن الأداء الانتخابي لرومني، يساعد أوباما على استعادة طبقة واسعة من الأميركيين من خلال دفع العمال البيض إلى المعسكر الديمقراطي، وهو ما توضحه الاتجاهات العامة للحملة الانتخابية، بحيث تقدم رومني وسط البيض من خريجي الجامعات، فيما تراجع بين البيض الذين لم يدخلوا الجامعات. أما اوباما، فقد استدرك نقطة ضعفه وبات من الواضح توجه الفقراء الأميركيين من البيض للتصويت له في الانتخابات المقبلة.‏

ولكن حل مشكلة رومني لا يكمن عبر تظاهره بأنه شخص آخر غير ما هو عليه حقيقة، ولا بإطلاق النكات غير المضحكة، مثل ما قاله عن نفسه بأنه عاطل عن العمل، وهنا يتعين على رومني استغلال نقاط قوة أخرى يمكن رصدها في مساره المهني، فهو إذا كان عاجزاً عن تغيير وضعه الاجتماعي كرجل غني، إلا أنه يمكنه الاستفادة من أدائه كمدير ناجح قد يسهم في تطوير الاقتصاد المتردي، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية حيث يبقى النمو إحدى الأولويات الهامة.‏

وإضافة إلى التركيز على القضايا الاقتصادية الكبرى، مثل الانضباط المالي والحد من العجز، التي ربما تصب في صالح رومني، فإنه لا بد أيضاً من الاهتمام بما يشغل الأميركيين، وحتى لو اعترض مستشاروه من المحافظين على التودد كثيراً للطبقات الفقيرة لأن ذلك لا يتوافق مع أيديولوجية الحزب الجمهوري ومؤهلات المحافظ الحقيقي. على رومني الإصرار، إذا كان يريد أصوات قطاع واسع من الناخبين، التحدث عن تحسين المدارس ورفع معدل الالتحاق بالجامعات، وتطوير جهود التدريب للإندماج في سوق العمل.‏

غير أن انتهاج سياسة انتخابية جدية قد لا يكفي لضمان الفوز في الانتخابات كما لا يكفي أيضاً قول الأشياء الصحيحة التي يرضى عنها الأميركيون، بل لابد من إظهار معرفة حقيقة وإدراك واضح لمعاناة الأميركيين حتى لو لم يكن الرئيس جزءاً من تلك المعاناة. وهنا نتذكر رئيساً ثرياً آخر استطاع التعاطف مع الأميركيين هو روبرت كيندي، ففي إحدى جولاته الانتخابية بمدينة نائية توجه بخطاب معبر للجمهور قائلا: «بالنسبة للمحظوظين منا هناك إغراء باتباع الخطوات السهلة والمألوفة لتحقيق النجاح المالي والذي يتيحه التعليم».لكن هذه الطريق السهلة ليست هي التاريخ المكتوب لنا.فالمستقبل لا يعود إلى هؤلاء المطمئنين إلى حاضرهم والغافلين عن مشاكل الآخرين، بل يعود إلى هؤلاء الذين يمزجون الرؤية بالعقل، والشجاعة في التزامهم الشخصي بالمثل والمبادرات الكبيرة للمجتمع الأميركي».‏

ولو استطاع رومني إظهار مثل هذا الالتزام سواء على الصعيد الشخصي أم في الواقع فقد ينجح في حشد التأييد والفوز بالرئاسة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية