|
شؤون سياسية وبشاعة الممارسات ونمط الحقد على الأفراد والجماعات بما لايقيم وزناً لأوامر الله ولايقدم لمحة من وجود ضمير أو وجدان، ولعلنا نستذكر بالمشهد صورة الرؤوس المفصولة عن الأجساد والتي صارت تطالعنا في كل انكشاف للممارسات الإرهابية، نذكر جميعاً ولربما دون أن نعرف أن هناك منطقة في أول حي القصاع تسمى برج الروس والتسمية تاريخياً ووقائعياً منسوبة إلى حدث أنجزه تيمورلنك التتري وهو يجتاح دمشق ويعطي الأوامر لإبادتها حرقاً وقتلاً لأنها قاومت الاحتلال التتاري بمواصفاته المعروفة، فما كان من تيمور لنك إلا أن قطع رؤوس الآلاف من أبناء دمشق وصنع منها برجاً مازال يسمى حتى الآن برج الروس. واعتدنا هذه الحكاية على أنها من وثائق الماضي البشع ولم نكن نعرف أو نتوقع بأن تيمورلنك ليس بنية عشائرية أو عرقية بل هو نتاج انحراف وحقد وإلحاد وبأن هناك من لديه الرغبة والاستعداد لقطع الرؤوس من جديد مع إضافة صور أخرى تسند هذه البشاعة حيث تقطع الأيدي والأرجل من خلاف وتُسمل العيون وتغتصب النساء أمام الأزواج والأولاد وفي مهاد أحاطت به الجثث والأوصال المقطعة، بل إن هناك (إبداعاً) آخر في الحقد فقد أخذ المجرمون من العصر امتيازاته في كرة القدم مع تعديل (بسيط) هو أن الطابة الآن هي جمجمة الإنسان البريء. لعل هذا الاستطراد المفاجئ هو واحد من المؤشرات الكبرى على حقيقة السلوك العزائري الذي يمتد بالأزمة ويمدها بالدم والأحقاد، ومن هنا كانت المحاور الأساسية للصراع قائمة في هذا البعد وعليه ونحن نرى أن الأوساط المعادية تتستر على هذه الجرائم وتنفي وجودها أصلاً، بصفاقة وبلادة تفعل ذلك وسرعان ماتجري تطوراً آخر أكثر لؤماً وخبثاً وهو أن صور الجرائم المروعة هي من فعل النظام السياسي في سورية، ولاتعطي هذه القوى أهمية لمجافاة العقل والواقع لمثل هذا الترويج البائد. وفي الآونة الأخيرة وقد انكشف الظلام وتكشفت جوانب الظلم صارت الحاجة عندهم ماسة لمثل هذا النوع من الجرائم فهو من جهة يشبع نهمهم الغرائري نحوانتهاك قدسية الدم الحرام وحدود التعامل بين أي مجموعتين بشريتين. كما أن هذه النوعية من الجرائم صارت ذريعة ووسيلة إعلامية ونفسية لنشر التزوير واستنفار الغرائز المنحطة واستثمار الفجوة القائمة مابين تطورات المؤامرة ومستوى الرد الرسمي عليها الذي مازال لاحقاً لها منفعلاً بها ولم يتمكن حتى الآن من الإمساك بزمام المبادرة في التعبير عنها رغم أنه أمسك بمصادرها وتداعياتها على الأرض وقدم شهداء الوطن من الجيش والقوى الأمنية، مايؤكد أن هناك بطولات ترقى إلى مستوى الغرابة في صفائها وهي التي تشكل الآن المحور المضيء الذي يناقض بقع الظلام والخيانة حيث يتلطى هناك المجرمون ومصاصو الدماء والقاتلون بالأجرة والثمن، وفي ذلك سر آخر من أسرار الوطن لم يكن يتوقعه النسق الاستعماري الغربي وامتداداته في المنطقة عبر أخبث عائلتين أعني آل ثاني في قطر وآل سعود في الحجاز، ويبدو أن هؤلاء كانوا يجدون (أوكازيون) يرتعون به ومن خلاله عبر اللائذين بالصمت والمتفرجين على الجراح النازفة والمتلطين بالعتمة ينتظرون إلى أين تميل الريح ليميلوا معها، لقد قدم شهداء الوطن في المواجهة نبوغاً أخلاقياً وجدانياً يتوازى معه ذلك النبوغ العملياتي والتكتيكي في مداهمة أوكار القتلة بأسلوب إيماني ونوعي في آن واحد. وفي امتدادات هذه الفكرة نعرف الآن لماذا خرجت الملايين إلى الشوارع والساحات والملاعب وهي تحمل الوطن الموحد وطريق الإصلاح العميق ورسالة الإنسانية في مواجهة سجف الظلام وأنساق الهمجية، إنه الوطن السوري وقد أنتج توءمين في الموعد المناسب تماماً الشهداء وأبناء الوطن من الكادحين والفقراء والمعذبين في الأرض والمطاردين بالجوع ورغيف الخبز والحرمان من مدفأة بسيطة تبعث بعض الدفء في أجسادهم التي حرمتها الأقدار الغاشمة من نعمة الرغيف والدفء بينما حباها الله بإرادة في النفس وبقوة حيوية في البنية الجسدية ذاتها، ألم يطلعوا بعد على عمق الصورة هذه بل ألم نقتنع نحن بعد في انبعاث هذه الصورة، الشهداء ينتصرون وينتصر معهم الدم على السيف والملايين المعذبة المحرومة في الساحات والشوارع تلبي نداء الوطن وتعطي للحدث أبعاده التي أراد العملاء والقتلة ومن شايعهم وصمت عنهم وعليهم أن يشوهوا هذه الأبعاد ويخفوا جوانب منها ويقطعوا محاورها بما يتوازى مع مايفعل المجرمون من تقطيع الأجساد البريئة. إن ما اندفعنا نحوه حتى اللحظة في التوصيف والتحليل ينقلنا مباشرة إلى المعبر الأخطر إلى سلوكنا نحوهؤلاء الكبار من الشهداء وحراس الوطن وحماة الديار والملايين الكادحة في شوارع العاصمة والمدن الأخرى، فكيف يحدث أن نتجاوز هؤلاء الكبار جميعاً حيث هناك من المسؤولين من لم يعتدل بعد ولم يعدل سلوكه بعد ومازال يتصرف على أن الوطن مساحة له وأن البشر الرائعين مجموعات كمية ورقمية في خدمة وجاهاته المقرفة وفي عمق هذا الاتجاه تخرج علينا التجارة والتجار، فإذا هم خارج حدود الوطن وإذا هم المجرمون الأكثر صعوبة على الوطن من العصابات ومن مصادر الحقد الخارجي، ولا أعمم ولكنني أرصد ظاهرة تعاني منها الملايين وأنا وأنت نعاني منها وقد تحركت عزائز البحث عن المال وألهاهم التكاثر حتى يزوروا المقابر كما وعد الله، إنها فصل الجريمة الآخر عبر الاحتكار ورفع الأسعار يومياً وعبر الاحتقار لجموع الشعب ولقدسية الشهداء وأبنائهم، تلك مصيبة آن لنا أن نطلق عليها وجعنا المرير وصرخاتنا المضمخة بالجوع الشريف والوعد النظيف بأن الشعب قد يمهل ولكنه لايهمل أبداً. |
|