|
طرطوس قدّمها له مساعده الذي يرطن لغة غريبة في إشارة لكونه ليس من أبناء البلد..
وهذه المؤامرة تبدأ بالتفاعل والتطور الدرامي على خلفية اعتقال الشاب ومحاولة حبيبته زيارته ومن ثم إطلاق سراحه والأحداث التي جرت معها لدى مدير السجن والمحتسب وحتى الوزير والمقايضة الرخيصة على جسدها مقابل حريته وصولاً إلى لحظة الذروة في مشهد الصناديق.. الذي نكتشف أيضاً أنه جزء من المؤامرة حيث لحظة الكشف أمام الحاكم الذي قضى نحبه أمام هول ما سمع.. وهنا تتحقق نبوءة الشاب في اكتساح الجراد للمدينة واستيلاء الغرباء على الحكم في مشهد الختام.. تماماً كما في حلمه الذي قاده إلى براثن مدير السجن. والمؤامرة في المسرحية إضافة على القصة «المعروفة» شكلت إعادة قراءة للمسرحية برمتها ورفعت من إيقاع النص «تراجيكوميدياً» قرّبها من المتلقي المحلي (المشبع بنظرية المؤامرة) فأتت «الجمل العامية» لتكسر إيقاع الفصحى للنص ما أحدث تفاعلاً رتيباً بين «الخشبة » والمتلقي يرتفع تارة ويخبو تارة أخرى. الديكور والإضاءة.... بساطة معبرة الكثير من «الخشب» بين الثابت والمتحرك درج من اليمين وآخر من اليسار يفضيان إلى الكرسي الثابت المتغير بمن يجلس عليه ومن ثم (درج) نحو المقدمة وفي الخلفية ستائر متغيرة بتغير المشهد.. تتحول من الجماجم المطبوعة عليها في مشهد «السجن» إلى ميزان العدل المائل في مشهد المحتسب ومن ثم «الراقصة» في مشهد الوزير وغاب الرمز في مشهد منزل «الصبية» لتحضر الصناديق.. ومباشرة هذه الرموز ودلالاتها الواضحة شكــّلت عيباً في الديكور وعبئاً على المتلقي وكان يمكن الاستغناء عنها بحلول أبسط. ربما يدل الديكور على أن المسرحية تنتمي إلى المسرح الفقير أو «المتقشف» إلى حد ما.. إلا أن بساطته ساهمت في ليونة حركة الشخصيات على الخشبة معززاً بالإضاءة والموسيقا لإنشاء مشهد درامي يتدرج صعوداً وهبوطاً.. إلا أن خلفية المسرح تحولت إلى «دمى» تلبس أقنعة كرنفالية تذكر (بعيد الهيلوين).. فبساطته غير مقنعة رغم أهمية المشهد في التوتر الدرامي لحظة سقوط المدينة كما أن وجود شاشة للعرض في مشهد الوزير والراقصات كان ساذجاً رغم أهميته في ربط أجواء المسرحية بالعصر الحديث خاصة بوجود مشهد متكامل للراقصات وهن يحطن بالوزير علماً أن «الراقصات» هن بالأصل شخصيات العمل الذكورية مع إضافات «كوميدية» في الأزياء والحركة. والزخرفة على «سذاجتها» وبساطتها فشلت في الإيحاء الزماني للحادثة وتعويمها هنا بدا إيجابياً لجهة أن الحادثة يمكن أن تحدث في أي زمان ومكان.. ومن جهة كان استخدام تقنية الزجاج المضاء في مشهد «السجن» موفقاً وخاصة أثناء دخول وخروج مديره وصعوده وكأنه يمشي على الجماجم والمظالم.. وسذاجة الاكسسوار أيضاً عوّض عنها الاعتناء المبالغ فيه للأزياء وإن كان يصعب تحديد إلى أي «زمان» تنتمي كما بساطة الإضاءة التي سهلت كثيراً حضور الموسيقا وارتفاع منسوب فاعليتها في التسلسل الدرامي.. الشخصيات... ورقية ولكن!! لعب الممثلون أدوارهم باحترافية عالية فتحركوا على الخشبة بكل يسر وخفّة بجمل قصيرة تطول بحسب الحالة الدرامية وصولاً إلى مشهد الصناديق (بيضة القبان في المسرحية) حيث الثبات في الحيّز الضيق الذي يتيح أقل قدر من الحركة مع الكثير من الثرثرة التعويضية حيث برع من جانب (النجار) القابع في القمة الذي كان له الدور المحوري في هذا المشهد فتبادل الحوار مع المحتسب ومدير السجن والوزير.. وفي النهاية بال عليهم جميعاً وكأنه يغسلهم بالعار.. ولعل المشهد الإيمائي الافتتاحي قدّم «رسالة» المسرحية بصورة مختصرة حيث (يتناتش) الممثلون «الراقصون» أزياء بطلة «المسرحية» لتعريتها بينما هي مستسلمة لأقدارها وهي تحمل شمعة مضاءة. المؤامرة....!! العمل بمجمله شكل صدمة للمتلقي المشبع أصلاً بنظرية المؤامرة وكأن الشخصيات خرجت من بطون الكتب لتعطينا درساً تراجيكوميدياً قاسياً يدور حول دور الأجنبي «غير البريء» في بلدنا.. ونياته السيئة وإن كان بالشكل يدعي أنه يريد الخير لنا.. فهو وإن كان يدعي «الإنسانية» و»الحرية» فهو بالنهاية ليس جمعية خيرية وإنما له مصالحه في الاستيلاء على السلطة ولو بأدواته المباشرة. البطولة جماعية في المسرحية والممثلون أخرجوا أفضل ما لديهم ويصعب التمييز فيمن كان هو الأفضل. والمسرحية كتبها محفوظ عبد الرحمن وهو كاتب وباحث ومؤلف مصري.. كتب للمسرح والإذاعة والتلفزيون والسينما.. من أشهر ما كتب للسينما فيلم حليم عام 2005 من إخراج شريف عرفة وفيلم ناصر 56 عام 1996 وفيلم القادسية وللتلفزيون مسلسلات أم كلثوم، بوابة الحلواني وسليمان الحلبي وعنترة وليلة سقوط غرناطة.. ومن أشهر ما كتب مسرحيتا حفلة على الخازوق وعريس لبنت السلطان. ويذكر أن المسرحية قدمت في مهرجان دمشق للفنون المسرحية في أيار 1977م من إخراج صقر الرشود الكويتي.. ويعرفها الجمهور السوري جيداً حيث قدّمت كحلقة من حلقات المسلسل الكوميدي (مرايا). أما من قام بإعدادها وإخراجها لصالح المسرح القومي بطرطوس فهو المخرج والممثل نضال حمود.. ومن تمثيل نصر مغامس بدور الوزير وعلي اسماعيل بدور المحتسب وعمار حمود بدور النجار ومجيد حسن بدور مدير السجن وسامر كفا بدور المساعد وحسام علي بدور الجندي وحسام عفارة بدور الوالي وعلي عبد الهادي بدور حسن (السجين الحالم) وروزالي الرز بدور هند (خطيبة حسن). |
|