|
الثلاثاء 20-3-2012 تفتح الإضاءة على فراش متواضع يتوسط خشبة المسرح،تحيط به أشياء من (طبقته الاجتماعية) : جرة ماء فخارية،كأس زجاجي،إبريق شاي متواضع،أوان قديمة لطهي الطعام، و(بقجة) عتيقة لا نعلم ما في داخلها.. بضعة أشياء حياتية بسيطة توحي برقة حال صاحبها الذي نراه مستغرقاً في نوم قلق يستيقظ منه مذعوراً على ومضات آلات تصوير الصحفيين الذي جاؤوا لإجراء مقابلة معه.. يعتذر(أبو شنار)،الذي يبدو أنه قد اعتاد لقاء الصحفيين، عن ردة فعله مرحباً بضيوفه المعتادين،راجياً منهم أن يسمحوا له بسرد الحلم الذي استيقظ منه للتو،ودون أن ينتظر موافقتهم يبدأ بسرد تفاصيل حلمه،وكيف أن صوتاً سماوياً أيقظه من نومه في المغرب العربي قد أنبأه أن ولده (شنار) على قيد الحياة يعمل في منشأة للنفط في خليج عمان،ولكن كيف الوصول إلى عمان في زحمة حواجز الحدود العربية؟!..يبشره الصوت أن الحدود بين البلاد العربية قد أزيلت لأنها أصبحت دولة واحدة موحدة،وفي ذروة بهجته بهذا الخبر السعيد يحزم أبو شنار (بقجته) جيداً،ويحلق في السماء باتجاه مشرق الوطن العربي ماراً فوق الجزائر وتونس وليبيا إلى أن يصادف (هنيدي) مصطحباً نرجيلته للتمتع بها فوق غيوم مصر،حيث يؤكد له معلومة الدولة الواحدة الموحدة وأن رئيسها يمضي كل يوم في عاصمة...يلتقي قافلة عربية فيشاركها طريقها الذي توقع أنه للقدس ليكتشف خائباً أنه للقطب المتجمد،ويسرق أحد من القافلة (بقجته)،ويستطيع رئيسها اكتشاف السارق،ويعيد (البقجة) لصاحبها وحين يطلب منه تفقدها يكتشف أبو شنار أنه قد سُرق منها(حق العودة) وقرارات عربية ترفض الاعتراف بالأمر الواقع وتصر على التمسك بالحقوق..لكن لا فائدة من الاعتراض فيتابع أبو شنار رحلته محلقاً خائباً إلى أن تعثر عيناه على ولده في خليج عمان غير أنه يفشل في ضمه إلى صدره كما حلم طويلاً،فلا هو قادر على الوصول إلى الأرض ولا ابنه قادر على الارتقاء إليه..وفي تداخل بين الحلم والذكريات الواقعية يسرد أبو شنار سيرة حياته المشابهة لحياة معظم الفلسطينيين الذين هجرتهم العصابات الصهيونية بتواطؤ الانتداب البريطاني،وفصولها المأساوية المعجونة بالشجاعة والمقاومة والتضحية،يستعيد ذكريات كفاحه وأبناء قريته (إجزم) ضد العصابات الصهيونية المتفوقة عليهم عدة وعدداً،واستشهاد أبنائه الثلاثة في معارك المقاومة الفلسطينية ضد جيش الاحتلال الصهيوني الذي هدم له بيوتاً خمسة شيدها في كل مكان جديد أجبر على الرحيل إليه.. على مدى مدة السرد يحكي أبو شنار وهو جالس في فراشه،ونكتشف أنه قد فقد القدرة على المشي لا في واحدة من المعارك التي خاضها،وإنما لحظة تلقيه خبر اتفاق (أوسلو) وتفريطه بالحقوق التي قاتل شعبه لأجل الحفاظ عليها عشرات السنين.. ينتهي من سرد أحلامه وذكرياته،فيتخذ أبو شنار وضعية رسمية ويدعو الصحفيين للبدء بطرح أسئلتهم،وتختم ومضات (كاميراتهم) العرض كما بدأته.. كاتباً وممثلاً ومخرجاً . قدم زيناتي قدسية عرضه المسرحي المونودرامي (أبو شنار) على خشبة مسرح القباني،متبنياً كل عناصر العرض الذي أراده صرخة فلسطينية في زمن التجاهل العربي.. وبموهبته الاستثنائية نجح لا في إيصال مقولة العرض فحسب،وإنما في إمتاع المشاهدين به أيضاً.. |
|