|
ملحق ثقافي الذي يعرض لنا نتائجه بدقة مهما كان الوسط المحيط به من دون أية اعتبارات أو مناهج فكرية يعتنقها، لو وجد الميزان المشابه لاستعنا به في قياس الجهود المبذولة في النصوص الدرامية عبر وابل المسلسلات المعروضة في موسم الدراما على اختلاف لهجاتها وتوجهاتها، اجتماعية كانت أم سياسية أم تاريخية أم دينية. كيف لنا أن نقبل أن توضع في ميزان واحد أعمال بذل كُتابها أوقاتاً مضنية تدوم أحيانا لسنوات في إعدادها ونصوص أخرى كانت وليدة أمسية سمر أو لمة أصحاب؟! ليس ثمة ضرر إن تعلمنا من تجارب الأسبقين وحاولنا التفوق عليهم في إتقان النص. ففي زمن الأبيض والأسود وعدم التقيد بعدد ساعات العرض لم يكن من الصعب تناول رواية وإعدادها لتكون عملا فنيا متكاملا سينمائيا أم مسرحيا أم تلفزيونيا أو حتى إذاعيا والسبب يعود للنص لأنه الرحم الذي يحتضن الممثلين والمخرج والموسيقى والديكور فإن كان هذا الرحم ضعيفا مترهلا سقطت محتوياته أو ولدت منقوصة كما نرى الآن في ظل نصوص الارتجال التي تبدأ بأفكار فراشية الأجنحة ضعيفة ثم تتنامى لتصبح عملا دراميا وليد استوديو التصوير، فإن أردت تحويلها إلى كتاب مقروء «قصة أو رواية» ستجد نفسك تائها حائرا ماذا تكتب، فهي مجرد رؤوس أقلام يجتهد فيها المخرج والمنتج والممثلون والفنيون من خلال قوالب وضعوها لإخراج صورة تستنطق ما بين سطور المؤلف حسبما تصوروا أنه أراد مستخدمين عدسات و زوايا هم المسؤولون عن جماليتها، وليضع كل منهم رؤية «ترقع» ما غفل عنه المؤلف ويأتي كل واحد منهم بجهده الشخصي إبرازاً لإمكاناته الفردية لاستنهاض العمل ثم تداهمنا إحدى الشخصيات الثانوية لترشقنا بمغزى المسلسل وعنوانه بعبارة مباشرة في وجهنا كان حرياً بها لو رميت بوجهنا في أحد البرامج الحوارية أو النقاشية. نعود لنتساءل كيف تتساوى الأقلام والجهود على مائدة واحدة حين يأتي عدد من الطهاة كلجنة حكم ليقيموا من خلال نظرتهم وطريقتهم في الانتقاء فيفوز العمل وكلما نال جائزة تغافلنا عن سلبياته وسقطاته. لا نريد أن نُتهم بأننا أعداء النجاح لكن من الظلم أن يجتهد مؤلف في إعداد نصه ليفجر قضايا بمنتهى الأهمية هي تاريخنا مع المعاناة ومعاناتنا مع التاريخ والحاضر بفساده المستشري والحاوي لشتى أشكال الخيانات بدءاً من السكوت على جرائم تقترف بحق أبنائنا ونشارك في إخفائها بحجة الخوف من الفضيحة مرورا عند ارتداء معطف الاقتصاد السياحي المحترم فيكشف ما يستره من أعمال قذرة، و يجاهر النص بقضايا معقدة تبدأ من شتات الفلسطينيين ويعرج على شتات العراقيين ويفضح استمرار الشر وبتر قدم الخير المعزز بالكرامة كما يجسد بطن أم أنجبت شهيدا كما أنجبت خائنا باع العرض مع الأرض، في نص اجتهدت مؤلفته في نقش حوار الشخصيات بقلوبنا كشعر نجح في مس مواضع الألم بجروحنا رغم جميع المحاولات في إقناعنا أنه ألم مؤقت وغمامة صيفية عابرة. وكم من الأعمال العظيمة مازالت تعرض وتلقى رواجاً بجميع أشكالها مصورة ممثلة أو مكتوبة مقروءة والسبب هو ذلك الرحم ببطانته المتماسكة ونسيجه القوي الذي احتوى بداخله جميع قدرات ومواهب السابحين فيه. |
|