|
موقع bitterlemons-international والادارة الأميركية الحالية والقوى الإقليمية الاخرى تكرر اليوم ما قاله ذات يوم هنري كيسنجر إن العرب لايستطيعون خوض حرب دون مصر ولا يستطيعون عقد سلام دون سورية، وهي مقولة أغفلتها ادارة الرئيس بوش. ونستطيع ان نوسع مقولة كيسنجر لنقول لايمكن ان يتحقق سلام عربي إسرائيلي او استقرار اقليمي دون سورية .كلام كيسنجر كان صحيحا في ايامه وكلامنا صحيح في ايامنا وفي المستقبل. في الواقع ان الرئيس بشار الأسد استطاع التغلب على العواصف التي حاصرت سورية .واستخدم سنوات حصار سورية بالتركيز على الامور الداخلية. وتمتلك سورية عدة اوراق مهمة : فعلاقاتها جيدة مع حركة حماس وجماعات فلسطينية اخرى ولها علاقات وثيقة مع حزب الله في لبنان ، فضلا عن علاقاتها الوثيقة مع ايران . وقد استفادت جيدا من الاخطاء التي ارتكبها الاخرون وخاصة المغامرات الأميركية الدموية في العراق وفي اماكن اخرى و الحماقات الإسرائيلية في لبنان وقطاع غزة والرئيس السوري خلط اوراقه جيدا ولعبها بشكل صحيح مازجا البراغماتية بالايديولوجية . وبالنسبة للعلاقات السورية الأميركية ،يفهم الرئيس الأميركي اوباما دور سورية التوازني والفعال في نزاعات الشرق الاوسط، ودورها في اقامة حكومة وحدة وطنية في لبنان .وبالرغم من ان التعاطي الأميركي مع سورية لم يحقق نتائج ملموسة حتى الان،الا ان كلا البلدين لا يود الرجوع الى شكل العلاقات في ايام ادارة بوش السوداء. إضافة الى اكتشاف دور سورية في استقرار لبنان ،تعي واشنطن أهمية سورية في حل الازمة بين حركتي فتح وحماس، وفي عملية السلام العالقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي الاستقرار في العراق.ايضا فيما يتعلق بايران ،تستطيع سورية ببعض المبادرات من واشنطن تقريب وجهات النظر بين الطرفين، فضلا عن ان سورية تعاونت مع واشنطن في الحرب على الإرهاب. ولسورية دور مهم داخل السياق العربي، خصوصا لبنان، حيث تقيم دمشق علاقات ممتازة مع حزب الله ومع الفرقاء الاخرين وخاصة بعد زيارة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الى دمشق التي شكلت بداية لطي صفحة التوتر الماضية بين الجانبين. دمشق استقبلت الحريري بحفاوة واضعة الماضي خلفها متناسية التصرفات المسيئة التي ارتكبت بحقها. وتعتبر زيارة الحريري الى دمشق اعترافا من القيادة اللبنانية بان لبنان يسقط دون وجود علاقات متميزة مع سورية. وعندما ارادت سورية رؤية حكومة وحدة وطنية في لبنان ،كان لها ما تريد بمساعدة من المملكة العربية السعودية. وبالنسبة للعلاقات السورية الإسرائيلية، تشعر دمشق انها الاهم في المنطقة في الوقت الذي لا يتجرا فيه القادة الإسرائيليون من السفر خارجا تخوفا من أي حكم قضائي ضدهم في أي دولة بسبب جرائم الحرب التي اقترفوها في قطاع غزة. في السنوات القليلة الماضية كانت سورية تعاني من العزلة الدولية ، بينما كانت إسرائيل تستخدم نفوذها في واشنطن واوروبا وبعض الدول العربية من اجل تحقيق مصالحها. أما اليوم، فقد باتت دمشق مقصدا للمسؤولين الغربيين بينما اصبحت إسرائيل بعيدة عن كل دول العالم . صحيح ان اراضي الجولان لم تسترجع بعد، ومعاودة محادثات السلام امر مستبعد حاليا، لكن هذا الوضع لا يشكل ضغطا على دمشق، الى حين حدوث معجزة في الاراضي المقدسة تدفع بنيامين نتنياهو الى العودة جديا للتفاوض مع سورية حول القضايا الخلافية العالقة بعد ان حسمت الحكومات الإسرائيلية السابقة معظم هذه القضايا مع دمشق. في السنوات الماضية ،احاطت سورية مجموعة من الاعداء على حدودها كافة ، فتركيا المعادية التي تهددها من الشمال والاحتلال الأميركي في العراق من الشرق والإسرائيليون الذين يحتلون هضبة الجولان في الجنوب. اما الان، فاستطاعت دمشق تحويل تركيا من عدو الى صديق حميم وشريك، وحولت علاقتها مع تركيا وإيران الدولتين المسلمتين غير العربيتين الى تحالف ثلاثي واضح. وبالطبع هذا التحالف الثلاثي ليس بديلا من التحالف الثلاثي العربي (السعودية ومصر وسورية) ولكن التقارب السوري السعودي خطوة باتجاه حدوث تصالح عربي عربي وعودة التحالف العربي. إضافة إلى ذلك ، فإن تطورالعلاقات السورية –التركية جاء ليوازي العلاقات السورية الإيرانية، حيث تتطابق وتتوافق الرؤية التركية مع السورية في هذين الموضوعين. الى الشرق ، يعلم الأميركيون في العراق أنهم لا يستطيعون تجاهل سورية ودورها لأنهم يحتاجون إليها لتأمين الاستقرار في العراق وخاصة بعد انسحاب قواتهم من هذا البلد. وفي الجنوب ، يبدو ان إسرائيل راضية وراغبة من الوضع الحالي في الجولان في الوقت الذي تعمل فيه جاهدة لحل انقساماتها الداخلية و المشكلات الإقليمية والدولية التي حدثت بسبب تصلب آرائها و حماقاتها. لا يمكن للقيادة السورية أن تتمنى من عام 2009 اكثر مما حدث لها. بقلم : الياس سامو |
|