تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حــين تنغـلق الثقافـة

ثقافة
الأربعاء 27-1-2010
محمود شيخ عيسى

لابد من رمي حجر ما، أكبر هذا الحجر أم صغر في مياه الثقافة لكن هذا الحجر إذا قمنا برميه هل سيكون لتحريك تلك المياه الراكدة أم أننا نفعل ما سنفعله من باب الوقاية أي من باب الخوف عليها من السقوط في مطب الركود؟

لنلاحظ قبل كل شيء أن اعترافنا بوجود الماء يعد مؤشراً إيجابياً ولنقل بصراحة إنه عامل تفاؤل يلقي في بالنا أن الصورة ليست شديدة السواد كما يحاول بعض المتشائمين أن يصوروا حقيقة الوضع.‏

وإذا أردنا حسن النية قلنا كما يحاول أولئك الحريصون على الثقافة أن يصوروا الحالة الراهنة التي تمر بها.‏

الماء موجود، هذه الحقيقة التي نتفق جميعاً عليها يمكن أن تكون منطلقاً للانطلاق إلى عالمها الفسيح، الأمر الذي يتيح لنا التعرف على حالة الثقافة، ووجود الماء يستتبع وجود حرص شديد عليه من قبلنا لكي لا يصبح آسناً فيتغير طعمه ويصبح مصدر تنفير لنا بدلاً من أن يكون عنصراً يشدنا إليه.‏

وخوفنا على الماء من أن يصبح آسناً يدفعنا لجعله جارياً باستمرار لأن جريانه هو الذي يكفل بقاءه عذباً فراتاً.‏

أرأيتم كيف أمسكنا بمهارة بأول الخيط أما الوصول على الأجزاء الأخرى منه فأمر مفروغ منه.‏

كل حراك ثقافي بصرف النظر عن نوعه هو حراك محمود فنلستمع بعناية لتلك الأصوات التي تدعو إلى الانفتاح على الثقافات العالمية الأخرى وعدم انغلاق الثقافة العربية على نفسها وفي الوقت الذي نجيد فيه فن الإصغاء لتلك الأصوات نحن مطالبون بالاستماع والإصغاء للدعوات التي تشيد باللغة العربية لغتنا الأم وتدعو للارتقاء بها وعدم التساهل في موضوع العولمة والغزو الثقافي.‏

ونحن نصر على وجود أي نوع من التعارض أو التصادم بين هذه الأصوات وتلك.‏

عندما يقوم فلان بترجمة كتاب عن اللغة الانكليزية مثلاً إلى اللغة العربية نتساءل لا شعورياً: وهل يتقن اللغة الانجليزية؟‏

ننساق وراء هذا السؤال مطالبين بالجواب، لكن.. هناك سؤال أكثر أهمية من هذا السؤال وهو: وهل يجيد اللغة العربية التي يترجم إليها؟‏

ولنعترف أننا نادراً ما نطرح مثل هذا ا لسؤال رغم أهميته القصوى.‏

ولأن عدم الاهتمام باللغة العربية صار أمراً شبه مألوف لدى العديد ممن يقومون بالترجمة فقد انحدرت تلك الروايات التي تعد من عيون الأدب العالمي انحدرت إلى سفوح كان من المفروض ألا تنحدر إليها، الأمر الذي جعل البعض يرون في انتشار تلك الترجمات التي سادت في الصحف حيناً من الزمن عاملاً من عوامل ضعف مستوى طلاب المدارس والجامعات في اللغة العربية.‏

وفي الوقت نفسه لا نرحب بذلك الأديب الذي يرى تراثه فقط نتاجاً لا يأتيه الباطل ويرفض الاطلاع على نتاج العقول الأخرى لأنها ليست عربية وهذا كل ذنبها.‏

بين الإقدام والإحجام يتردد المشهد الثقافي فتصبح مياه الثقافة آسنة ونحن لا نريدها كذلك، فلنكن أول مشجعيها على الحراك.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية