|
على الملأ إذ لا يكفّ الكثير من الفلاحين ومنتجي الحمضيات، عن التأكيد بل والصراخ بأن شحنات الموز التي تدخل البلاد في هذه الأوقات من كل عام، تضرب إنتاج الحمضيات بالكامل، وحتى أنهم يُطلقون التّهم على تجار الموز بأنهم يتقصّدون إفشال تسويق الحمضيات وضرب موسمه، ذلك لأنهم يتعمّدون إدخال كمياتٍ كبيرة تسهم بزيادة العرض، وبالتالي انخفاض أسعار الموز إلى حدود كبيرة، ما يدفع المستهلكين للتخلّي عن البرتقال والليمون، وتفضيل شراء الموز..! المعادلة لا تبدو منسجمة، فما علاقة الموز بالبرتقال..؟! المنافسة لا تكون عادةً بين نوعين متغايرين، ومن صنفين مختلفين، المنافسة على كسب المستهلك تكون على صنفٍ واحد تبعاً للسعر والجودة، فإذا أردتُ أن أشتري قميصاً - مثلاً - فإنني أحسم خياراتي أمام جملة ما هو معروض من القمصان، ولا علاقة لأسعار البنطلون - إن كانت منخفضة - أن تؤثر على قرار شراء القميص من عدمه، فهذا شيء - كما هو بديهي وواضح - وذاك شيء آخر، وكذلك الأمر بالنسبة للموز والبرتقال، فالذي يريد أن يشتري البرتقال، لا يعنيه الموز بشيء سواء ارتفع سعره أم انخفض، ثم لماذا لا يكون الأمر معكوساً..؟ أي أنّ تدفّق الحمضيات بكميات كبيرة أثناء الموسم، وانخفاض سعرها أمام زيادة العرض، يسهم بالإعراض عن شراء الموز، والاكتفاء بالبرتقال، وبالتالي زيادة عرض الموز أيضاً وانخفاض سعره..! لكن المعادلة هنا لا تستقيم هكذا أيضاً، فالحكاية حكاية عرضٍ زائد من الصنفين على الأرجح، دون أن ينعكس أي صنفٍ على الآخر. على كل حال لنفترض جدلاً أنّ الموز يؤثّر فعلياً على البرتقال ويُخفّض أسعاره، فليت الجهات الحكومية المختصّة تستمع لهذا الاحتجاج من منتجي الحمضيات، وتقتنع معهم ولو لمرة واحدة بوقف ومنع استيراد الموز في هذه الفترة من السنة، لنرى بعدها ميدانياً وعلى الأرض ما الذي سيحصل..؟ فهل سيتم وقتها تسويق الحمضيات جيداً وعلى أكمل وجه..؟ أم إننا سنبقى في الدوّامة ذاتها..؟ وبناء على ما يحصل يمكن اتخاذ القرار الصحيح، ونُنهي الجدل الدائر حول هذه المعادلة الشاذة التي يؤمن بها الكثيرون فعلاً، وينبذها القليلون، وينتهي هذا الصراع المفترض بين الموز والبرتقال. |
|