تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الجود بالموجود

الكنز
الاثنين 16-12-2019
عامر ياغي

لسنا مع ولا ضد، وإنما مع حقيقة الأشياء التي لم يستطع أحد (حتى تاريخه) إيصالها كاملة بدون رتوش إلى المواطن الذي قد يفاجأ عند سماعه أن سبب انخفاض حصته اليومية من الكهرباء ليس فقط قلة وارداتنا النفطية (الغاز) نتيجة العقوبات الاقتصادية، وإنما هو وفي المقام الأول أمنه وأمننا الغذائي..

نعم الغذائي الذي فرض نفسه وبقوة على معادلة الطاقة وقلب قواعد التدفئة والإنارة رأساً على عقب.‏

فبعد تسعة أشهر من التغذية الكهربائية المتواصلة والإمدادات النفطية المستمرة، وتحديداً خلال فصول الربيع والصيف والخريف التي اختفت خلالها الانقطاعات، ومع انتهاء موعد حصاد حقولنا وبيادرنا، جاء موعد إسقاط خططنا الزراعية على أرض الواقع لنأكل كما العقود الماضية مما سنزرع، وهنا (بيت القصيد) حيث كان لزاماً على وزارات النفط والثروة والمعدنية والكهرباء والزراعة والصناعة الاجتماع والخروج بقرار ينص صراحة على اقتطاع مليون و300 ألف متر مكعب من الغاز يومياً وتحويلها من محطات توليد الطاقة الكهربائية إلى معمل الأسمدة لإنتاج الكميات اللازمة لنجاح خطتنا الزراعية.‏

وبالفعل ومن دون تردد أو تسجيل أي حالة تحفظ أو امتناع أو رفض صدرت الموافقة القاضية بتخفيض الكميات المنتجة من الطاقة الكهربائية مقابل إقلاع معمل الأسمدة لتوفير السماد محلياً بدلاً من لعنة (قطع + حصار + عقوبات + عراقيل) استيراده خارجياً، لضمان نجاح خطتنا الزراعية وعدم فشلها.‏

هذا الإجماع ما كان ليحدث لولا الأولويات التي تم العمل بها وعلى أساسها والتي يتصدرها ملف أمننا الغذائي الذي كان وما زال خطاً أحمر.‏

نعم، المليون و300 ألف متر مكعب من الغاز لم تكن في حال عدم نقلها من محطات التوليد إلى معمل السماد تكفي لوحدها للوصول إلى تغذية كهربائية (24 / 24 ساعة)، لكنها كانت ستحد وبشكل جيد من برامج التقنين وتخفف من ساعات الانقطاع وسينتهي معها برنامج الحماية الترددية، كون المطلوب طاقياً أكبر بكثير مما هو موجود حالياً، لا بل ويفوق القدرة على تلبية حاجة محطات التوليد ومعمل الأسمدة مجتمعين.. وعليه فإن الجود الطاقي حالياً بما هو موجود.. وهذه حقيقة يجب علينا جميعاً التعامل على أساسها، بعيداً عن أسلوب الرجم والجلد وتقاذف الاتهامات ورشق سهام الانتقادات، والتسليم بأن الكهرباء لا تخزن ولا تخبأ ولا تكدس.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية