|
شؤون سياسية وتركتهم في مهب ريح التناحر والشرذمة في كابوس رهيب وفوضى عارمة ، يحارب الأخ أخاه ويسعى للابتعاد عنه طمعاً في السيطرة والحكم أو تحت عناوين الفدرلة وما شاكلها من شعارات براقة لكنها خادعة لا ترمي إلا لمزيد من الفرقة والتحلل الاجتماعي والمؤسساتي وتهديد الوحدة والسلم الأهلي وبنيان الدولة كحامي وضامن لمصالح الشعب وأمنه واستقراره . السودان أولاً ذاق مشرحة التقسيم الغربية والأمر لن يتوقف عنده فهو ليس بالبلد الأخير فليبيا على ما يبدو وحكامها الجدد يسيرون على الخطا ذاتها استكمالا لمشروع قوى الاستعمار الغربي الساعي لتفتيت البلاد العربية واستغلال ثرواتها ...ليبيا إذا لم تتدارك نفسها بسواعد المخلصين من أبنائها لا شك ستسير نحو التقسيم تحت ستار فيدراليات تهدد وحدة أراضيها وتنذر بدخولها دوامة من العنف والحرب الأهلية كأولى نتائج الديمقراطية المزعومة التي رسمتها لها الولايات المتحدة الأمريكية. لاشك أن الفدرلة من اخطر المساعي الرامية لتقسيم ليبيا لفيدراليات متنوعة التسميات من قبلية وغيرها وهذا ما يتوجس منه جميع الغيارى على الشعب الليبي ويعتبرونه بداية مشؤومة لفصم عرى الجسد الليبي عن بعضه البعض بعد إعلان قبائل شرق ليبيا برقة الممتدة من حدود مصر في الشرق الى سرت غربا إقليما فيدرالياً اتحادياً يتمتع بسلطات إدارية ومالية واسعة وعن تشكيل مجلس تأسيسي له تحت شعار(ليبيا دولة موحدة) والذي تم الإعلان عنه بمدينة بنغازي برئاسة أحمد الزبير الشريف السنوسي، واللافت أن المشاركين أصدروا في مؤتمر التأسيس ميثاق برقة للعيش المشترك لسكان هذا الإقليم الذين يطالبون بالعودة إلى الدستور الملكي الذي يعتمد على تقسيم البلاد إلى ثلاثة أقاليم هي برقة وفزان وطرابلس تمهيدا لتعميم هذه التجربة على باقي المناطق ولم يكترث منظمو هذا التجمع بالتظاهرات الكبيرة التي نظمت في العديد من المدن الليبية بما فيها مدينة بنغازي والتي رفضت بشدة تقسيم ليبيا إلى أقاليم معتبرين ذلك خطرا على وحدة البلاد وخاصة في الظروف غير الأمنية التي تعيشها بعد عمليات الناتو العسكرية التي حصدت خيرات البلاد وأرواح العباد . ويدافع أنصار الفيدرالية بالمنطقة الشرقية عن رؤيتهم وتمسكهم بهذا النظام السياسي باعتباره النظام العلمي السليم لإدارة الحكم في ليبيا ويقولون أن الجميع يعرفون ذلك ولكنهم يتجاهلونه من أجل مركزية وصفوها بالبغيضة والتي ترهق الدولة بأعباء ثقيلة، ويتوزع في تلك الأراضي نحو 66% من احتياطي النفط الليبي، فيما يقطنها 25% فقط من سكان البلاد.لاريب أن إعلان زعماء قبائل وسياسيين ليبيين في مدينة بنغازي منطقة برقة بشرق ليبيا (إقليماً فيدرالياً اتحادياً) ينطوي على مخاطر التفتيت الشاملة البغيضة ،والذي يرسخ فكرة الفرقة والابتعاد في المكونات الليبية عن بعضها البعض التصريح الخطير الذي تمخض عنه المؤتمر بتأسيس مجلس إقليم برقة الانتقالي برئاسة الشريف السنوسي لإدارة شؤون الإقليم والدفاع عن حقوق سكانه في ظل مؤسسات السلطة الانتقالية المؤقتة القائمة حالياً واعتبارها رمزاً لوحدة البلاد وممثلها الشرعي في المحافل الدولية وعلينا التدقيق في العبارة الأخيرة والتي تعني أن ليبيا لا تمثل هذا الإقليم وهو إقرار صريح بالخروج من حضن الدولة نحو التفرد والاستقلالية والكيان المستقل الضعيف المعزول المنكمش والمنغلق على ذاته . ومن المؤكد أن ذلك يأتي تنفيذا للمخطط الغربي المعد مسبقاً للسيطرة على الثروات الليبية وفي مقدمتها النفط والخاسر أولاً وأخيراً هو الشعب الليبي الذي ستسرق ثرواته ومقدراته أمام عينيه إذا ما طال التقسيم جميع أنحاء ليبيا وصارت الفيدراليات مسيطرة وتابعة لجهات مختلفة تتفق فيما بينها للاستئثار بقطعة من الجسد الليبي الممزق . إن المظاهرات التي تنظم احتجاجا على محاولات التقسيم ضد ليبيا وضد النزعات القبلية والانفصالية ما هي إلا عبارة عن تأكيد أن الشعب الليبي بسواده الأعظم يرفض فكرة التقسيم المقيتة المبنية على الفدرلة ويرى فيها مقدمة لتجزئة ليبيا الى قطع صغيرة تتناثر هنا وهناك .ومن هنا فإن المصلحة الشعبية هي الأولى بأن تؤخذ بالحسبان على حساب المصالح الشخصية الضيقة التابعة لمصالح كبرى خبيثة ودنيئة ستسحق في النهاية الجميع دون استثناء ، فهذه هي عادة الغرب الظالم الاستعماري في سياق حروبه التي لايقدمها بالمجان لأحد ، فبعد دفع البلد المذبوح على يديه الدماء والخسائر المادية لا بد أن يدفع الشعب ثمن صواريخه الذكية النادرة وثمن أمواله النارية التي أشعل بها البلاد ورماها في أتون القتل والتخريب نفطاً وتقسيماً وإمعانا في بث نار الفتن والكراهية بين أبناء البلد الواحد . |
|