|
لوموند بنفس الوقت كان كليست رئيس وزرائها قد صرح بوضوح حول أهمية استثمار دولة أسيوية عملاقة لثرواتها الطبيعية -مع العلم أن هذه الجزيرة تقع قريبة من القطب المتجمد الشمالي ويبلغ عدد سكانها /35/ ألف نسمة. في الوقت الحالي تعد الشركات الصينية الموجودة في غروين لاند على الأصابع، وتعمل في تنقيب المناجم (نحاس، ذهب)، عدا الاستثمارات الأخرى لمناجم الحديد في جنوب غرب الجزيرة. منذ عام 2009 وغروين لاند تتمتع بصفة دولة ذات سيادة فيما يخص ثرواتها الطبيعية مما جذب المستثمرين الأجانب، وهي بذلك تشكل مدخلا مثاليا لبكين لكي تثبت أقدامها في القطب الشمالي حيث تشكل الثروات الطاقية ما يعادل الـ 13% من البترول غير المستكشف على الصعيد العالمي و30%من الغاز الطبيعي و20% من الغاز الطبيعي السائل، وفي الإجمالي تعتبر 22% من الاحتياطي العالمي غير مثبتة كهيدروكربور حسب تقديرات المعهد الجيولوجي الأميركي لعام 2008. قد يؤدي إلى ذوبان الجليد الناجم عن ظاهرة الدفيئة الكونية إلى حدوث انكسارات جليدية في العديد من الأماكن الأمر الذي سيتيح الوصول إلى المنابع الطبيعية وإلى المياه الغنية بالثروات السمكية وهذا ما سيعمل على تنشيط القطاع السياحي. وفق بعض التقديرات سوف تتمكن السفن من الآن وحتى خمسين عاما المقبلة من نخر عباب هذا المحيط الأمر الذي يساعد على اختصار المسافة بنسبة 40%، علما أنه في الوقت الحالي تمر أكثر من 45% من تجارة أسيا وأوروبا والولايات المتحدة عبر قناة بنما. كما سيتيح الممر الشمالي الشرقي سهولة تصدير الغاز الطبيعي من حقل روسيا بـ«شتوكمان»، وهو أحد أكبر الاحتياطي العالمي الموجود في بحر بارون والذي سيبدأ سحبه عام 2016. يعود الوجود الصيني في القطب الشمالي إلى نهاية أعوام 1990 المترافق مع انطلاق البرامج العلمية، ودشنت الصين عام 2004 قاعدة دائمة في النرويج في أرخبيل سفالبار المسمى هوانغ (النهر الأصفر) كما أنها تحظى بممر عبر الجليد المكسور تستخدمه في القطب الشمالي يطلق عليه تسمية (تنين الثلج) وهي تعتزم إنشاء ممر جديد. تنطلق هذه المصلحة العلمية من مبدأ ديبلوماسية نشيطة، والهدف المباشر من ذلك هو الولوج إلى وضعية المراقب الدائم لمجلس القطب الشمالي وهو مؤتمر حكومات يضم ثماني دول قطبية منذ عام 1996 وهي: كندا، الدانمارك، فنلندا، إيسلندا، النرويج، روسيا، السويد، والولايات المتحدة. ويتوقع أن يؤدي وجود الصين لكونها قوة آسيوية لا يستهان بها إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا في منطقة تسودها الصراعات حول الهيمنة من توتر الأمور. وقد أثار الجدل مشروع الملياردير هوانغ نوبو عام 2001 الهادف إلى امتلاك 300 كم مربع من الأراضي في شمال شرق إيسلاندا السياحي وضمن هذا السياق أثارت بعض المواقف المتخذة الشكوك على غرار المقالة التي كتبها الجنرال هان غزودونغ في أيلول 2008 قائلا:«من السهل رؤية الصراع حول القطب الشمالي كآخر تنافس حقيقي في العالم. فقد أصبحت الصراعات للسيطرة على القطب الشمالي مسألة دولية، هذه هي النتيجة التي لا يمكن تجنبها ضمن سياق تطور المجتمعات الإنسانية». هذا إلى جانب عدم استبعاده اللجوء إلى استخدام القوة. من جانبه يشير البروفسور في جامعة لافال (الكبيك) فريدريك لاسيير بقوله:«بدأت بعض الشركات الصينية تهتم بهذه المنطقة...» ويرى بعض المراقبين أنه لا يمكن لمجلس القطب الشمالي الاستجابة بشكل فعال على التحديات التي يفرضها الوجود الإنساني المتنامي في القطب الشمالي سواء أكان في مجال البيئة أو الدفاع. وهل تبرهن هذه التحديات أن الصين ستفرض كلمتها بالقول والفعل ليكون مرحبا فيها في زمن أزمة تعصف بمنطقة تفتقر إلى البنى التحتية التي يمكن أن تحد من تبعات الكوارث والتلوث فيها. بقلم: فرانسوا بوغون |
|