تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الثقافة بين الواقع الحقيقي والافتراضي!

فضائيات
الأربعاء 14-3-2012
رمضان رجب إبراهيم

يعتبر برنامج همزة وصل الذي يعرض على شاشة التلفزيون العربي السوري، تقديم عبد المؤمن الحسن وإخراج عزيز فواز كيلارجي من البرامج الثقافية التربوية الهادفة إذ يختار عناوينه بشكل مدروس وهادف في محاولة لجلاء الحقيقة

أو جزء منها وتقديم ماهو مفيد وجيد للمشاهد خصوصاً في هذه الأيام التي تعددت فيها مصادر الحصول على المعلومة وباتت المواقع الالكترونية أكثر من أن تحصى.‏

لدى مشاهدتي الحلقة التي بثت صباح الثلاثاء وكان عنوانها الثقافة بين الواقع الحقيقي والافتراضي تمت المقاربة من خلال عدة وجهات نظر بين الثقافة قديماً وطريقة الحصول على المعلومة وبين مانشهده الآن من حمّى تسابق لاحتلال موقع عبر صفحات الانترنيت والبدء في حشوه بالمعلومات من أي مصدر كان. وبالمناسبة قبل عدة أيام تابعت في برنامج أحلى جلسة الذي يبث على فضائية lbc لقاء مع أحد أصحاب مواقع الانترنيت الذي عبر من خلاله عن استغرابه ودهشته من قيام البعض بسرقة المعلومات من موقعه ونشرها على أساس أنها تنشر للمرة الأولى وأضاف الضيف في تلك الحلقة بأنه تعمّد كتابة خبر كاذب في أحد المرات لكنه فوجئ بأن أكثر من موقع قد قام بسرقته وتبنيه .‏

من هنا كانت خطورة الحصول على المعلومة من تلك المواقع المتعددة إذ باتت لدينا بحار من المواقع الالكترونية التي لانعلم شيئاً عن مصداقيتها وحياديتها أيضاً.. وبات الإبحار في تلك المواقع أكثر خطورة من الغوص في بحر من الجليد وبتنا نحتاج إلى بوصلة إذا ما أردنا التجوال بين تلك المواقع أو الغوص في تلك البحار وأصبحت فكرة أن يحيط الإنسان بثقافة العالم من المستحيلات إذ تكمن الإشكالية الجوهرية في حصول المرء على الثقافة أو المعلومة من خلال تلك المواقع .‏

يقول الكاتب والصحفي حسن م يوسف في ذلك البرنامج بأننا مهددون بشكل مرعب فالمثقف في القرن الرابع عشر مثلاً كان يحصل على المعلومات التي يحصل عليها المثقف الآن من جريدة واحدة وضرب مثلاً على ذلك جريدة لوس أنجلوس تايمز مثلاً. إذ من الممكن أن تحمل الصحيفة بعض الثقافة ولكن من الممكن أيضاً أن بعض العناوين هي التي تشدنا أكثر من غيرها ومن هنا جاءت ثقافة الاستسهال فالمرء عندما يسمع ينسى وعندما يرى يتذكر وعندما يكتب يحفظ ولكن عندما يطبّق ينجح كما قال الضيف الدكتور حمدي خشان الذي ركّز على لغة الصورة التي يعتبرها أكثر وأقوى سلطاناً من لغة الكلمة وتساءل عمّا نفعله للتصدي لتلك البرامج والمواقع والصور. وطالما أننا نتحدث عن العنوان فبرنامج همزة وصل يحاول أن يكون جسراً بين ما كان وما هو الآن فالثقافة التي كانت تجتذب النخب في سبيل الحصول عليها مثلاً باتت هذه الأيام متوفرة للجميع فهل الواقع الثقافي تحسّن أم أنه بات أكثر تخلفاً ؟!.‏

يقول الأستاذ غسان كامل ونوس في مقالة بعنوان فساد ثقافي: ليست الثقافة عنواناً لصفحات فارغة نملؤها بما تيسر،ومايريح وما يرضي أو يدوّن إنجازاً،ويحكي سيرة خاوية،ويقول ولا يقول.وليست الثقافة ميداناً واحداً أو شطراً محدداً أو زاوية أو جهة يمكن أن نبدلها إذا ما نتن هواؤها أو أسن ماؤها. الثقافة هاجس وحاجة ورغبة وتوق ونزعة ووسواس. وفساد أية خلية من خلاياها شيوع للمرض الذي يصعب الإفلات منه”‏

لاشك في أن الكتاب الذي يعتبر من أهم مصادر الحصول على المعلومة أصبح في وضع لا يحسد عليه وهذا مابدا واضحاً من خلال عرض ريبورتاج تناول آخر الكتب التي قام بعض طلاب الجامعة بدراستها وكانت النتيجة أن معظمهم لا يدرس ( يطالع) إلاّ في الكتب التي لها علاقة بدراسته وعند السؤال عن السبب كانت الإجابات بمعظمها تتحدث عن عدم توفر الوقت لذلك. المفاجأة كانت عندما حاولت من باب الفضول أن أبحث عن برنامج له نفس الاسم ( همزة وصل) فوجدت أن هناك برنامجاً بنفس العنوان يقدم على تلفزيون فلسطين وهذا مايدعو للتساؤل والاستغراب وطرح العديد من الأسئلة ربما كان من أهمها: هل جفّت العناوين لدينا؟!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية