|
لبنان . هل فوجئنا نحن، السادة تماثيل الشمع بقاماتنا المهلهلة، بوجوهنا المهلهلة، بأقنعتنا المهلهلة، بما في داخل العقل الأميركي وبما في داخل العقل الإسرائيلي، هذا عندما يتحدث دنيس روس، وهو أحد أدمغة الايباك الأكثر حيوية، والأكثر تأثيراً، والأكثر مراوغة، عن «الربيع العربي»، على أنه لن يكون هناك مكان لأصحاب الأظافر الطويلة في العالم العربي. ولكن متى لم يقطعوا الطريق حتى على قفازاتنا الحريرية التي اعتمدناها كخيار استراتيجي في صناعة تلك الأنشودة الرثة «السلام العادل والشامل»، أو «رؤية الدولتين»، أو «ثقافة التفاوض» التي لا بديل منها سوى الدخول حفاة، بل عراة أيضاً، إلى الثلاجة. نعرف أننا نبني سياساتنا، مواقفنا، على العصبية، والغرائزية، والضغينة، ودائماً في مواجهة بعضنا البعض، ودون أن ندري، بالأحرى دون أن ندرك أن «إسرائيل» وجدت في هذه المنطقة لا لتضطلع بدور حاملة الطائرات، كما يحلو للبعض أن يصفها، وإنما لتكون نجمة الشرق الأوسط، حسبما وصفها روس إياه الذي كان إدوار سعيد يصفه بـ «الثقب الأسود» في الإدارة الأميركية. الثقب الأسود الذي تقلب بين وزارة الخارجية والبيت الأبيض، دون أن يتخلى عن نجمة داود التي كان يضعها على مكتبه على أنها من صنع ابنه لا من صنع قناعاته الاستراتيجية والأيديولوجية على السواء. لا تتصوروا أن منطق الثأرية التي استوردها بعضنا من الأدغال يمكن أن يتوقف مهما علا منسوب الدم، فهل يعني دم السوريين، كل السوريين دون استثناء، أي واحد من أولئك الذين يتعامل معهم ملوك هذا الزمن، وهم أنفسهم قتلة هذا الزمان، على أنهم فقاعات بشرية لا أكثر ولا أقل؟. لا أحد معني بذلك الدم المقدس، ولا بليل الفقراء الطويل، ولا بما ينتظر الآمنين من أهوال، ألا نراهم، وهم يتلذذون بمرأى الخراب، فيما الأصالة، إذا كانت هناك من أصالة، وفيما الأخلاق، إذا كان هناك من أخلاق، تقتضي منا جميعاً أن نهب لنجدة سورية، أجل سورية بالذات، سورية الأرض المهددة، وسورية الشعب المهدد، وسورية التي يحبها فقراء العرب وأحرار العرب في كل مكان. إلى تلك السيدة اللبنانية النبيلة التي قالت لنا «إذا حدث شيء لدمشق أموت»، نشاركها الأمل بأن تبقى عاصمة الأمويين لؤلؤة العرب. وإلى تلك السيدة السورية التي توزع تفاهاتها الآن في مقاهي بيروت، بعدما كنا نشاهدها تمرغ جبينها في أكثر من مكان، نقول: عيب...! عيب لأن سورية هي التي تعنينا من أجلها نصرخ، ومن أجلها نتوجع، ومن أجلها لن ندع لا دنيس روس ولا غيره يلامس ولو شعرة في رأس صلاح الدين الذي لا بد أنه يصرخ مثلما نصرخ نحن. |
|