فوضى السوق ... والتدخل المناسب...!
منطقة حرة الأربعاء 14-3-2012 أمير سبور تعتبر العلاقة بين الاقتصاد والسياسة علاقة وثيقة لان الاقتصاد القوي يخلق الاستقرار , في حين الاقتصاد الضعيف قد يولد الكثير من المشكلات ,
والعكس صحيح أيضا لان السياسة الرشيدة والحكيمة من شانها أن تخلق اقتصادا قويا ومناخا مناسبا لنمو اقتصادي مزدهر ينعم بخيراته الجميع , من هنا نستطيع القول إن العلاقة بين المكونين الاقتصادي والسياسي علاقة جدلية , والدليل أن أي اهتزاز هنا سوف ينعكس في الطرف الآخر من المعادلة سواء كان هذا الاختلال سلبيا أو ايجابيا ...! واليوم ونحن نقترب من نهاية عام كامل على بدء الأزمة , التي بدأت ملامح نهايتها تلوح في الأفق , على الرغم من كل التسعير الغربي والتحريض المباشر المحموم , لنشهد في الوقت ذاته على تفاقم أزمة جديدة تدخل ضمن مسلسل الأزمات والحرب المستعرة التي تشن ضد سورية...! ورغم كل الأزمات التي تم افتعالها خلال الفترات الماضية بدءا من أزمة الوقود والمحروقات وصولا إلى أزمة الخبز ثم الغاز وبعدها البنزين وآخرها أزمة القطع ومحاولة ضرب الليرة السورية , رغم كل ذلك بقي الاقتصاد الوطني متماسكا ولم يتأثر إلا بشكل محدود جدا , وهذا بالتأكيد ناجم عن قدرة الاقتصاد وقوته من جهة , وثقة الحكومة وقدرتها على المعالجة والتدخل في الوقت المناسب ...! وهذا بدوره ينعكس مباشرة على الحالة الاقتصادية وحتى النفسية للمواطن والتاجر على حد سواء , كما يلجم السماسرة وتجار الأزمات الذين يعيشون على الفوضى لتحقيق الأرباح الخيالية على حساب المواطن , وتلك الاهتزازات هي انعكاس لما يجري في السياسة وأيضا الواقع الأمني لبعض المناطق , لكن عندما تقرر الحكومة التدخل بشكل مباشر تستطيع إعادة التوازن مباشرة إلى واقع الأسواق وهذا ما شهدناه بالنسبة للازمات التي مضت وتم تجاوزها وآخرها سعر صرف الدولار الذي انخفض إلى مستوى مقبول بعد أن زاد على المائة ليرة ...! لكن ما نريد قوله هنا أن خطوات يجب أن تستكمل من قبل الحكومة والجهات الرقابية وخاصة أمام فوضى الأسعار التي شهدها السوق مؤخرا , أولها إعادة النظر بالسلع والمواد التي تم تحرير أسعارها منذ سنوات , وأيضا إعادة طرح موضوع تداول الفواتير في أسواقنا والتي تم طرحها لأكثر من مرة لكن دون جدوى ...! وكلنا يتذكر الإعلانات التي ملأت اللوحات الإعلانية على الطرق وداخل المدن والتي أطلقتها وزارة المالية آنذاك واعتبار عام 2011 هو عام الفاتورة ...! وبمجرد سؤال أي تاجر مهما كبر حجمه أو صغر عن الفاتورة يرتبك ويتهرب وينفعل ويتغير لونه, لان تلك الثقافة لم تزل غائبة عن واقعنا وحياتنا اليومية سواء كانت لدى التاجر أو المواطن المستهلك...! في وقت نجد فيه أن استخدام الفواتير من شانها أن توفر الحماية للتاجر وللمواطن على حد سواء, لكن هناك من لم يعتد بعد على التصريح أو الإعلان الفعلي عن أرباحه أو أرقام مبيعاته.. وهنا ومن خلال الواقع الذي تعيشه أسواقنا من ارتفاع محموم لأسعار المواد , لا بد من التذكير بالمواقف الوطنية الواجب اتخاذها من قبل التجار والمستوردين وإقدامهم على مبادرة ذاتية كما حصل في حلب وللمرة الثانية , حين قرر هؤلاء التجار الإعلان عن بيع كميات كبيرة من المواد الأساسية بسعر التكلفة بدون أرباح والتزامهم بذلك طالما الأزمة موجودة....! وكلنا أمل أن يقدم البعض الآخر في دمشق والمحافظات الأخرى على نفس الأسلوب وتسجيل المواقف الوطنية التي تعبر بحق عن الانتماء الوطني وخاصة في مثل هكذا أزمات ...! لا أن يذهب البعض إلى استغلال هذا الواقع نحو مصالح شخصية لزيادة أرباحهم ...! مع إدراكنا جميعا أن الحكومة يمكنها أن تدخل في المكان والزمان المناسبين وهذا ما حصل بالنسبة للدولار , لكن عندما تأتي المبادرة بشكل ذاتي وباندفاع ومسؤولية وطنية تكون نتائجها أفضل وتترك آثارا طيبة لدى الجميع ...! فهل ننتظر تدخلا من مجتمع الأعمال والحكومة بآن معا للوصول إلى لجم وقمع المضاربين بقوت الشعب واستغلال الأزمات لتحقيق منافع شخصية ....!
ameer-sb@hotmail.com
|