|
رؤية التي يفترض بها أن تزيل الحواجز بين البشر، وترفع شعار تحرير الفرد، لكنه تحرير باتجاه العودة إلى الرحم الأساسي، أي دينه الأصلي أو طابعه الإثني الأساسي أو مزيجهما. في عام 1974 عقد مؤتمر في روما أعلن فيه خبير التحليل النفسي الشهير (جاك لاكان): «لن ينتصر الدين فقط على التحليل النفسي، بل سينتصر على أمور كثيرة أخرى أيضاً، حتى إننا لا نستطيع أن نتخيل مدى قوة الدين.» هل يمكن أن يكون كل ما يجتاح المنطقة العربية إلا نتيجة ما عمل الغرب على زراعته وحراسته وحصد ثماره؟ ألا يبدو الدين اليوم كالغول الذي كنا نسمع عنه في حكايات الطفولة، حيث تحتاج للعبور إلى كنزك، وهو الواقف حارساً على باب المغارة أو النبع أو الطريق، إلى إعلان الهدنة معه وتقليم أظفاره، وحلق لحيته بهدوء ولطف كي لا ينقض عليك وينهي حياتك؟! لماذا يكون للدين- أي دين- هذا التأثير العظيم، بحيث يقدر عدوّك على تحويله إلى متفجرات داخلية وذاتية تملك كل قوة التدمير هذه؟ لا أرى - شخصياً - أن الدين هو السبب المباشر، لكنه المنطقة الرخوة التي يمكن النفاذ إلى داخل أي مجتمع عبرها بسهولة ويسر، بل أرى أنه الحنين إلى عصر الإقطاعات والإمارات والقبائل! يشكل الدين ما يشبه مفاصل تشابك بوابة مدينة مع جدران حمايتها, وحصنها المنيع, وبمحاولة زعزعة هذه المفاصل سيكون من السهل اختراق المدينة عبر بوابتها... الدين طريقة الإنسان لخلاص مرتجى، أو لفهم الموت أو استيعابه، ولكل منّا مفهومه وطقوسه حول هذا الأمر، أي أنه النقطة الأكثر خصوصية وتماهياً مع العقل الذي لا يقبل النقد أو الانتقاد، هكذا يصبح اجتياحنا عن طريقه أكثر يسراً وأعمق جرحاً وأشد تمزيقاً. الدين لله والوطن للجميع شعار صار تعميقه في الوجدان الجمعي لمجتمعنا أكثر من ضرورة، قبل أن يكمل تحوله إلى مجتمع غيلان لا ترحم. |
|