|
شؤون سياسية بالأمس صادف ذكرى يوم الأسير السوري، في وقت تحمل فيه الأنباء أن غالبية الأسرى. يواجهون مشاكل جمة في أوضاعهم الصحية، نظراً لتردي ظروف احتجازهم في السجون الإسرائيلية. فخلال فترة التحقيق يحتجز المعتقلون في زنازين ضيقة لا تتوفر فيها أدنى مقومات الصحة العامة، ويتعرضون لسوء المعاملة والضرب والتعذيب والإرهاق النفسي والعصبي ما يؤثر على أوضاعهم الصحية سلباً. ويتعرض المعتقلون منذ لحظة اعتقالهم لاعتداءات وحشية بشعة وعمليات تنكيل وإذلال خطرة على يد الجيش «الإسرائيلي» من اعتداء بالضرب المبرح وتقييد أياديهم وتعصيب أعينهم وتعريتهم من ملابسهم والقائهم على الأرض في العراء ساعات طويلة، وكثيراً ما استخدم الأسرى كدروع بشرية أثناء عمليات الاعتقال التي يقوم بها« الجيش الإسرائيلي» وخضع الأسرى لعمليات تحقيق و استجواب ميدانية وتعذيب على يد المحققين «الاسرائيليين». و«اسرائيل» هي الوحيدة في العالم التي شرعت التعذيب وجعلته في اطار القانون وأعطته غطاء قانونياً من السلطات القضائية في «اسرائيل». وقد مارست سلطات الاحتلال أشكالاً مختلفة من الانتهاكات لحقوق الأسرى التي تعتبر انتهاكات للقيم والقوانين الإنسانية والدولية. ومن أخطر تلك الممارسات: أ- إساءة المعاملة والتعذيب الجسدي والنفسي: ومن أشكاله الحرمان من الطعام والشراب والحرمان من النوم لساعات طويلة، وتسليط الإضاءة القوية على المعتقل مباشرة، وحرمانه من قضاء حاجته وتغطية رأس المعتقل بغطاء قذر ذي رائحة عفنة والحرق بأعقاب السجائر وسكب الماء البارد أو الساخن على المعتقل واجباره على الجلوس بأوضاع غير مريحة لفترات طويلة. ب- حرمان المعتقلين من زيارة الأهل والأقارب كما تنص المادة (116) الفصل الثامن من اتفاقية جنيف الرابعة. ج- الحرمان من الرعاية الصحية: كالمماطلة في اخراج المعتقل الى العيادة إلاّ في الحالات الحرجة وبعد خطوات احتجاجية وتصعيدية يقوم بها المعتقلون.. عدم التقيد بصرف العلاجات الطبية اللازمة وفقاً لما تقرره طبيعة الحالة أو وصفة الطبيب، فالعلاج روتيني هو عبارة عن حبة كامول و شربة ماء أو نوع من المسكنات الأخرى.. وحسب دراسة طبية، فإن عمليات رش الغاز المسيل للدموع بأنواعه المختلفة على المعتقلين وهم بداخل غرفهم وزنازينهم الضيقة والمزدحمة يسبب لهم الإصابات بأمراض عديدة خاصة أمراض الرئة والربو. وكشفت أوساط اسرائيلية عن ألف تجربة طبية أجريت على المعتقلين دون علمهم، وهذه التجارب تقوم بها شركات أدوية اسرائيلية، وعزت هذه الأوساط أسباب ارتفاع الحالات المرضية والإصابة بالتسمم في صفوف المعتقلين . وهنا، ينبغي علينا أن ندرك أن الحديث سنة لا يوازي التجربة الاعتقالية دقيقة واحدة، وبخاصة في سجون «اسرائيل» حيث القهر متعدد الأشكال، وفي ظل عدم اعترافها بالمعتقلين كأسرى حرب، بل كإرهابيين و«مخربين» تسعى بكل السبل والوسائل لإذلالهم وتدفيعهم ثمن نضالهم من أجل حرية شعبهم. إن تعرية الأسير خلال تفتيشه لا يمكن أن يكون لها بعد أمني في ظل التقنيات المتطورة ولا معنى لها سوى إشعار الأسير بأنه «لاشيء» أمام جندي يفعل ما يحلو له. «اسرائيل» المدللّة تستفرد بالأسرى، ولا تجد من يلزمها باحترام القانون الدولي، ولاسيّما احترام حق المعتقلين في تلقي الزيارات العائلية الدورية، واحترام الحد الأدنى من معايير الأمم المتحدة الدنيا لمعاملة المعتقلين الصادرة عام 1955 ووثيقة جنيف لعام 1947 المتعلقة بالتعامل مع المدنيين في زمن الحرب. إن الأسر لدى قوة غاشمة تجمع بين أيديولوجية عنصرية وسياسة الغائية متعجرفة، يتحوّل إلى رحلة عذاب من لحظة الاعتقال إلى لحظة الخروج، إذا قدّر للأسير بأن يخرج. فـ «اسرائيل» هي الوحيدة في العالم التي تغطي التعذيب بقوانين من أعلى الهيئات القضائية فيها، وهي تبرر لنفسها تحت ذريعة «الإرهاب» أن تفعل ما تشاء بالأسرى، مادام العالم يوافق على وضعها فوقه و خارج قوانينه. لم تقف حالة الأسر عائقاً أمام استمرار الأسرى في مقاومتهم للاحتلال وسياساته القمعية. فقد نفذ الأسرى خلال الفترة المنصرمة عدداً من الاعتصامات والإضرابات عن الطعام وواجهوا سجانيهم بصلابة، وأبدوا تضامنهم مع اخوانهم المناضلين خارج السجون. هذا وتشير تجربة الاعتقال إلى أن سياسات القمع الإسرائيلية المترافقة بالانتهاكات للقوانين والأعراف الدولية والأخلاقية والإنسانية لم تكسر صلابة المعتقلين وتمسكهم بمقاومة الاحتلال، وأن المعتقلات رغم قساوة ظروفها اللاإنسانية يحولها المعتقلون إلى ساحات للمقاومة. |
|